فاتن الحاج (صحيفة الأخبار)
تبدو التدابير التنظيمية للثانويات الرسمية هذه الأيام غير مفهومة. وهي، على ما تقول مصادر تربوية، لا علاقة لها بإصلاح وتطوير التعليم الرسمي، إذ ثمة إصرار على عدم إقفال الثانويات التي لا حاجة إليها، حتى لو كان عدد طلابها أقل من 20 طالباً، بهدف الإبقاء على مديريها ومعلميها وطلابها، لاعتبارات سياسية ليس إلّا. وفي المقابل، يجري تحت الاعتبار السياسي نفسه فتح فروع لثانويات جديدة، بعيداً عن معيارَي الحاجة والكفاءة.
التراجع الحاد في إقبال الطلاب على القسم الفرنسي هو إحدى المعضلات الأساسية التي باتت تواجه الثانويات الرسمية في بيروت وضواحيها خصوصاً. وثمة تخبط في التعامل مع ما تسميه مصادر إدارية في وزارة التربية سياسة الـ«بينغ بونغ»؛ والتقاذف السياسي الذي حصل بين «ثانوية زاهية سلمان» و«ثانوية صبحي المحمصاني» خير مثال على ذلك.
قصة الثانويتين بدأت مع تراجع أعداد طلاب القسم الفرنسي في «سلمان» (المحسوبة على الحزب التقدمي الاشتراكي) إلى 45 طالباً، في مقابل 300 طالب في القسم الإنكليزي. وكذلك، تراجعت أعداد الطلاب في «المحمصاني» (المحسوبة على تيار المستقبل) التي تعلّم حصراً باللغة الفرنسية، لتصل إلى 8 طلاب في صف علوم الحياة فقط. والسبب هو الأزمات المتتالية التي حلّت عليها، والتي ترتبط بالنزوح وانقطاع المياه والكهرباء عنها. وبعد مطالبات، ولا سيما من مدير التعليم الثانوي خالد الفايد، وافقت وزيرة التربية ريما كرامي، على نقل الطلاب الـ 45 من «سلمان» إلى «المحمصاني». ولاستقبال هؤلاء، أفادت مصادر متابعة بأنه جرى تأهيل أحد الطوابق الذي يضم نحو خمسة صفوف، بكلفة 1500دولار.
لكن كرامي تراجعت بعد أيام من انتقال الطلاب عن قرارها، واعدةً بترميم «المحمصاني» قبل بداية العام الدراسي المقبل. كما تقرر نقل الطلاب الثمانية إلى «سلمان»، بلا أي توضيح لذلك. غير أن المؤكد أن الاعتبار ليس تربوياً، والمفارقة أن طلاب «سلمان» اعترضوا أمام كرامي، مطالبين بإعادتهم إلى ثانويتهم. كذلك، اعترض طلاب «المحمصاني»، رافضين مغادرة ثانويتهم.
هذه الحادثة ليست استثناء، مع تكررها في مختلف المناطق. إذ يجري على بعد مئات الأمتار في الضاحية الجنوبية لبيروت، استحداث قسم إنكليزي في الثانويات التي تضم قسماً فرنسياً فقط من أجل استقطاب الطلاب والحفاظ على «كيانات» الثانويات، والأمر كذلك في بعبدا وكفرشيما وغيرها.
وفي عكار، تطرح علامات استفهام حول استحداث فروع لثانويات جديدة لا تبعد عن الثانويات الأساسية بضعة كيلومترات، ولا حاجة إليها، مع غياب الأعداد المطلوبة من الطلاب وضآلة الكثافة السكانية. إذ وافقت كرامي على فتح فرع لـ«ثانوية الكواشرة» في منطقة عين الزيت القريبة، وكلّفت مدير مكتب النائب أحمد رستم بإدارته. كذلك، افتتحت فرعاً لـ«ثانوية الشهيد رفيق الحريري - ببنين» في منطقة المحمرة، وعيّنت مدير مكتب النائب وليد البعريني أحمد البعريني مديراً له.
في ظلّ كل ذلك، تسأل مصادر تربوية عن سبب غياب التفتيش التربوي، ورئيس التفتيش المركزي جورج عطية - الذي جهد أخيراً لتعيين مفتشين إضافيين خلافاً للأصول.