اوراق مختارة

الكشف المبكر واجب لتفادي الموت: سرطان الثدي «الأول» لبنانياً بـ 3000 إصابة سنوياً

post-img

راجانا حمية (صحيفة الأخبار)

يتصدّر سرطان الثدي في لبنان قائمة السرطانات الأكثر شيوعاً، إذ يُسجَّل سنوياً بين 2500 و3000 إصابة جديدة، تضاف إلى أعداد أخرى تتابع علاجاتها. ورغم أن الارتفاع السنوي في حالات السرطان لا يقتصر على هذا النوع وحده، إلا أن تراكم الأعداد بالآلاف يستدعي رفع مستوى التوعية، خصوصاً في ظل المؤشرات المستقبلية التي تُنذر بزيادة الأرقام، نتيجة مجموعة من العوامل المهيئة للمرض في المنطقة، من بينها انتشار النفايات، والتلوث الهوائي الناتج من المولدات الخاصة، والعادات الصحية السيئة مثل التدخين، فضلاً عن أثر الحروب المتكررة التي ترفع من احتمالات الإصابة.

هذه الصدارة تجعل من حملات التوعية للوقاية والكشف المبكر عن سرطان الثدي، أو أي نوع آخر من السرطانات، واجباً ضرورياً وملحّاً. فالأثر الذي يتركه المرض على المجتمع، خصوصاً بعد سنوات من غياب حملات التوعية بسبب الأزمات المتلاحقة، يجعل من الكشف المبكر «فرضاً» على النساء، خاصة مع الخط التصاعدي الذي يسلكه المرض، حتى بات الموت بغيره استثناءً.

ورغم عدم صدور أرقام جديدة في السجل الوطني للسرطان، إلا أن آخر البيانات المتوافرة لعام 2022 تشير إلى زيادة في عدد المرضى. فمع انطلاق السجل الوطني في 2005، قدّر عدد المصابين بحوالى 7400، واستمر الرقم في الارتفاع ليصل إلى 11,392 في 2016، ثم إلى نحو 13,400 إصابة في 2022. ومن المرجح في ظل هذا المسار التصاعدي أن تكون الأرقصام خلال السنوات الثلاث الأخيرة أعلى.

ويتصدر سرطان الثدي قائمة الأنواع التي تصاب بها النساء، ويأتي أيضاً في المرتبة الأولى بين جميع حالات السرطان. وبحسب السجل الوطني، ارتفعت نسبة الإصابات لدى النساء من 1,450 حالة في 2005 إلى 3,230 حالة في 2022.

وهذا التصاعد في أعداد الإصابات ليس أخطر ما يثير القلق، بل ما آلت إليه طبيعة الحالات خلال السنوات الأخيرة، ولا سيما خلال السنوات الست التي توقفت فيها حملات التوعية بسبب الأزمة المالية. فالأمر يتعلق أساساً بالتشخيص، حيث «أصبحنا نلاحظ حالات في مراحل متقدمة من المرض، أي المرحلة الثالثة والرابعة، بعدما كانت غالبية الاكتشافات تتم في المرحلتين الأولى والثانية»، بحسب الدكتورة ديما شمس، عضو لجنة وزارة الصحة للتوعية والكشف المبكر عن سرطان الثدي. ولا تقتصر مخاطر تأخر التشخيص على احتمال فقدان الحياة فحسب، بل تشمل أيضاً «ارتفاع كلفة العلاج والضغط الكبير على القطاع الصحي».

ولأن هذه المخاطر يمكن تفاديها عبر التوعية المبكرة، أطلقت وزارة الصحة حملة جديدة تحت عنوان «صرتي بالأربعين، ما تفكري مرتين واعملي صورة الثديين»، تستمر حتى نهاية العام الجاري. وتميزت حملة هذا العام، بعد غياب طويل، بأنها «مفتوحة ومجانية»، بحسب شمس، فيما كانت في الحملات السابقة تقتصر على 20 إلى 30 ألف حالة فقط.

ومن الخصائص المهمة للحملة «علاج اللواتي تثبت إصابتهن، ولا يتمتعن بتغطية صحية، على نفقة الوزارة». كما أعيد تفعيل قرار تغطية العمليات الجراحية للثدي بعد توقف قسري، ما يشكّل حافزاً أساسياً لمشاركة عدد أكبر من السيدات. فالسبب الحقيقي وراء عدم إقدام بعض النساء على إجراء صورة الثدي الشعاعية (Mammography) ليس الخوف من الإجراء ذاته، بل القيود المادية التي تمنعهن من اعتباره أولوية صحية، وهو ما تهدف الحملة الجديدة إلى تجاوزه.

وفي هذا الإطار، وفّرت وزارة الصحة صورة الثدي الشعاعية المجانية في غالبية المستشفيات الحكومية المجهزة بأجهزة التصوير، وفي عدد من المستشفيات الخاصة. ووصل عدد المستشفيات المشاركة في الحملة المجانية إلى 54 مستشفى، معظمها حكومي، فيما كان انخراط المستشفيات الخاصة في الحملة محدوداً نظراً إلى غياب هامش الربح، ومن انخرط فيها فعل ذلك «انطلاقاً من الالتزام الوطني»، بحسب شمس، مشيرة إلى أن هذه الخدمة ستتوافر في جميع المستشفيات الحكومية مطلع العام المقبل مع وصول أجهزة التصوير الشعاعي الرقمية Digital وتوزيعها على المستشفيات.

ورغم وجود قصور في التغطية بين المناطق، سواء بسبب ضعف انخراط بعض المستشفيات الخاصة أو عدم امتلاك بعض المستشفيات الحكومية لجهاز التصوير، عملت الوزارة على إيجاد حلول مؤقتة. وتشير شمس إلى أن الوزارة «استعانت بشركاء محليين في بعض المناطق، خصوصاً الأطراف، مثل الهيئة الصحية الإسلامية والصليب الأحمر اللبناني، لنقل السيدات إلى المستشفيات التي تتوافر فيها الصورة الشعاعية، و«رغم أن هذا السيناريو ليس الأفضل، إلا أنه الحل الأمثل في ظل الظروف الحالية».

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد