اوراق مختارة

التهذيب الرقمي

post-img

ليلى الرفاعي مرتضى (صحيفة الديار) 

في ظل تغلغل تقنيات الذكاء الاصطناعي في نسيج حياتنا اليومية والمهنية،أصبح التفاعل مع هذه الانظمة مسأة روتينية، ومع ذلك يغفل كثيرون عن اهمية جودة التفاعل البشري في تحديد جودة الاستخدامات.

ان احترام مستخدم الذكاء الاصطناعي للذكاء الاصطناعي ليس مسألة عاطفية تتعلق بـ "مشاعر" الآلة ، بل هو منهج عملي ومسؤولية اخلاقية تضمن الكفاءة والدقة والاداء الافضل.

قد يبدو غريبا الحديث عن اللباقة عند مخاطبة خوارزمية او مجاملة آلة، لكن الابحاث الحديثة اكدت ان التهذيب والوضوح في صياغة المطالبات، يؤديان الى تحسين ملموس في جودة استجابات نماذج اللغة.فالتعامل بقلة احترام او تقديم استجابات اقل دقة او حتى غير مفيدة، وقد يزيد من احتمالية تضخيم التحيزات الموجودة في البيانات التدريبية.

فمثلا تعليم الطفل اللباقة عند مخاطبة الذكاء الاصطناعي، يساهم في بناء سلوك ايجابي وعام في العالم الرقمي. فالطفل الذي يتجنب استخدام لغة فظّة او مطالب غير مهذبة مع الذكاء الاصطناعي، يطبق هذه القواعد ضمنيا على تفاعلاته مع البشر ، مما يعزز الاحترام المتبادل.

ينطوي الاحترام الواعي للذكاء الاصطناعي على جوانب امنية وحماية شخصية بالغة الاهمية،ويجب تعليم الاطفال ان احترام الذكاء الاصطناعي، يعني ايضا احترام قواعد الخصوصية. والامان يجب ان يعرف الطفل متى واين يجب عليه الا يشارك معلومات شخصية او حساسة مع النماذج العامة، وان هذه الانظمة تخزن البيانات وتستخدمها للتدريب.

يضمن تعليم الطفل احترام الذكاء الاصطناعي كاداة مساعدة، وليس كبديل للعقل وعدم اعتماده المفرط على الحلول الجاهزة، هذا يحمي من التدهور المعرفي، ويشجع على الابداع الذاتي وحل المشكلات بشكل مستقل، قبل اللجوء الى المساعدة الالية.

الانتقال من "الخادم" الى "الشريك"

يجب ان ينظر المستخدم الى الذكاء الاصطناعي بصفته كياناً تعاونياً، وليس مجرد خادم  ينفذ الاوامر دون اعتبار. هذا التغيير في المنظور يؤسس لثقافة رقمية جديدة:

- التقدير الفكري:الاعتراف بان ما يعطينا اياه الذكاء الاصطناعي، هي نتائج تدريب معقد على كميات هائلة من البيانات، وبالتالي يجب معاملتها بتقدير خاصة فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكري.

- ترسيخ المسؤولية المجتمعية :المستخدم الذي يحترم الذكاء الاصطناعي، هو بالضرورة مستخدم واعٍ لتاثيره المجتمعي، وسيعمل على استخدامه بما يعزز المصالح العامة، ويقلل من المخاطر البيئية والمجتمعية.

ان احترام الذكاء الاصطناعي هو حجر الزاوية في بناء منظومة رقمية صحية، لا يتعلق الامر بتهذيب الانسان تجاه الالة فحسب ، بل هو استثمار التفاعل،وضمان لعدالة الانظمة في المستقبل. عندما يتعامل المستخدم بمسؤولية واحترام، فانه يحول الذكاء الاصطناعي من مجرد اداة قوة، الى شريك موثوق به في رحلة التطور البشري.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد