اوراق مختارة

قانون متعاقدي المهني: تضارب مصالح و«ألغام» بالجملة

post-img

فاتن الحاج (صحيفة الأخبار)

في وقتٍ يسلك فيه اقتراح قانون تثبيت الأساتذة المتعاقدين بالساعة في التعليم المهني والتقني مساره داخل اللجان النيابية، تمهيداً لطرحه قريباً على طاولة لجنة المال والموازنة، لا تزال الصيغة القانونية التي أقرّتها لجنة التربية النيابية أخيراً موضعَ أخذٍ وردّ، وسط اتهامات بأنّها قانون «مُعلّب» صيغَ لخدمة مصالح شخصية على حساب آلاف المتعاقدين الذين ينتظرونه منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

فقد وصفه كثيرون بأنه «قانون المديرة العامة»، بعدما أعفى من تجاوزوا الستين عاماً من شرط المباراة المحصورة عبر مجلس الخدمة المدنية، ما يتيح للمديرة العامة للتعليم المهني والتقني هنادي بري الاستفادة من التثبيت في السنوات القليلة المتبقّية قبل إحالتها إلى التقاعد، إلى جانب نحو 138 أستاذاً فقط من أصل نحو 9 آلاف متعاقد.

ولفتت مصادر الأساتذة المتعاقدين إلى أن في صياغة القانون «ألغاماً» تبدأ باعتماد السنّ معياراً للتثبيت على حساب سنوات الخبرة، ولا تنتهي بـ«استفاقة» المشرّعين فجأة على تفعيل دور المعهد التربوي، الذي انحرف طيلة عقود عن أداء مهماته التي أُنشئ من أجلها وهي تخريج أساتذة تعليم فني وإجراء دورات تدريبية دورية للأساتذة، وعُطّل دوره خدمةً للزبائنية واستمرار بدعة التعاقد. وثمّة خشية من أن يكون الهدف من تفعيله اليوم تمرير «القانون - الفضيحة»، على أن يعود بعد ذلك معهداً عادياً كسائر المعاهد والمدارس المهنية يدرس اختصاصات مهنية وصناعية فحسب.

السؤال الأبرز الذي يطرحه الأساتذة: من سيتولّى تدريب الناجحين في مجلس الخدمة المدنية؟ وهل ستجري الاستعانة بتربويين من حملة الدكتوراه أم سيكون المدرّبون من متخرّجي المعهد الذين يحملون شهادات مهنية وصناعية وغير حائزين كفاءةً أو إجازة تعليمية، وبالتالي سيكون على متخرّجي المعهد تدريب أساتذتهم؟

كذلك، ثمّة «لغم» في المادة العاشرة من اقتراح القانون التي تنص على تعيين الناجحين من المتبارين على ثلاث دفعات خلال ثلاث سنوات ضمن تراتبية النجاح في المباراة، بحجة عدم توفّر الاعتمادات المالية المطلوبة. ويربط الأساتذة بين هذه المادة والمادة المتعلّقة بإعفاء من تجاوز الـ60 عاماً من شرط المباراة، إذ «لا أحد يضمن أن يجري الاكتفاء بهؤلاء في الدفعة الأولى، ولا يحفظ حقّ الباقين كما جاء في اقتراح القانون». أضف إلى ذلك أن الاعتمادات المالية متوفّرة، إذ يُرصد سنوياً نحو 80 مليون دولار للتعاقد، وهو مبلغ يفوق كلفة التثبيت.

إلى ذلك، إذا كان الأستاذ هو من يحدّد، وفق القانون، المادة التي سيُمتحن فيها، فكيف تُحسب تراتبية النجاح عندها؟ لأنه قد يكون هناك أوائل في عدة مواد ضمن الاختصاص الواحد. كما أن اعتماد معيار العمر بدلاً من سنوات الخبرة «بند مُجحِف وغير علمي، إذ قد يكون هناك أستاذ تجاوز الـ60 عاماً ولديه 20 سنة خبرة، وقد يصادف وجود أستاذ لديه 30 سنة خبرة وعمره دون الـ 60».

كذلك ثمّة تضارب مصالح بين الدور المَنوط بالمديرة العامة لجهة أنها تقترح على وزيرة التربية الموافقة على دورة التدريب وتشرف على النتائج، وبين أنها متدرّبة في دورة الإعداد في المعهد الفني التربوي في الوقت نفسه، فكيف لمُمتحن أن يكون في الوقت نفسه رئيساً ومرؤوساً؟

لذلك كلّه، يطالب الأساتذة المتعاقدون اللجان النيابية بتعديل كل المواد المُجحِفة من دون أن يعني ذلك نسف قانون انتظروه طيلة 30 عاماً ليؤمّن لهم استقراراً أكاديمياً ووظيفياً.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد