عبد الكافي الصمد (سفير الشمال)
يستمر تبادل كرة قانون الانتخابات النيابيّة فصولًا بين الحكومة والمجلس النيابي، وآخر فصوله كان ما حصل يوم الخميس الماضي، 6 تشرين الثاني الجاري، عندما أقرت الحكومة مشروع قانون يقضي بتعليق مواد قانون الانتخابات المتعلّقة باستحداث الدائرة 16 التي تضمّ ستة نواب للمغتربين، مع السّماح للمغتربين انتخاب النواب الـ128 في شهر أيّار المقبل، والطلب تمديد مهلة تسجيل أسمائهم حتّى نهاية العام الجاري.
غير أنّ إقرار الحكومة مشروع القانون المذكور لا يعني أنّه بات نافذًا، ذلك أنّه لكي يصبح كذلك يجب إقراره في مجلس النوّاب، وهو أمرٌ يبدو مستعصيًا في ضوء رفض رئيس المجلس نبيه برّي للمشروع مع شريكه في الثنائي الشّيعي حزب الله إلى جانب التيّار الوطني الحرّ وتيّار المردة وحلفاء آخرين.
وكما يواجه مشروع القانون الآنف الذكر مصيرًا صعبًا لا يجعله قابلًا للحياة بسبب الخلافات السّياسية العميقة بين القوى السّياسية والكتل النيابية حول قانون الانتخابات، فإنّ الانتخابات في حدّ ذاتها باتت في خطر، ومعرّضة لأن تتأجّل في حال استمرار تمترس أطراف الخلاف خلف مواقفهم ورفضهم التنازل عنها.
وفي ضوء الكباش السّياسي وبقاء الأفق مسدودًا أمام أيّ حلّ أو مخرج للأزمة، تطرح سلسلة أسئلة حول مآل الاستحقاق الانتخابي بقيت حتّى الآن بلا أيّ أجوبة، وكذلك تطرح نقاط عدّة تحتاج إلى توضيح، من أبرزها ما يلي:
أولًا: يفترض أن تنتهي في 20 تشرين الثاني الجاري، أيّ بعد 10 أيّام، مهلة تسجيل المغتربين أسماءهم للمشاركة في الانتخابات المقبلة، لكنّ الرقم الهزيل الذي سُجّل وهو نحو 34 ألف مغترب فقط، قبل خمسة أيّام، جعل التعويل الذي يأمله البعض بأن يقلب أصوات المغتربين المعادلة البرلمانية ضعيفًا جدًّا، ما دفع من تقدّموا بمشروع قانون الحكومة للانتخابات إلى الطلب بتمديد مهلة التسجيل حتّى 31 كانون الأوّل المقبل، علّ الرقم يرتفع، غير أن طلب التمديد هذا يحتاج إلى إقرار في مجلس النوّاب وهو ما لا يبدو متاحًا.
ثانيًا: من حيث تدري أو من حيث لا تدري أعادت الحكومة الأمور إلى نقطة الصّفر. ذلك أنّ مشروع القانون الذي أحالته الحكومة إلى المجلس النيابي ينتظره أحد مصيرين: الأوّل أنْ يضعه رئيس المجلس في الأدراج، وأن لا يدرجه على جدول أعمال جلسة تشريعية غير معروف إنْ كانت ستعقد أو لا، خصوصًا بعدما طيّر خصوم برّي وحلفائهم نصاب جلستين تشريعيتين سابقتين، وبالتالي لن يعطيهم برّي ما رفضوا إعطاءه له. والمصير الثاني الذي ينتظر مشروع قانون الحكومة هو إحالته إلى اللجان النيابية لدرسه، وبما أنّ اللجان ينظر إليها في لبنان على أنّها “مقبرة المشاريع”، فإنّ المشروع المذكور سيبقى يراوح مكانه شأنه شأن مشروع القانون المشابه الذتي تقدمت به القوات اللبنانية وحزب الكتائب وحلفائهما إلى المجلس النيابي وبقي يراوح مكانه.
ثالثًا: استعصاء الخلافات بين القوى السّياسية والكتل النيابية على الحلّ، وعدم التوصّل إلى تسوية ما تسهم في إخراج أزمة قانون الانتخابات من عنق الزجاجة، سيجعل الكلّ يقفون ـ بعد انقضاء المهل ـ أمام خيار يرفضونه علنًا ولا يمانعون سرًّا بالموافقة عليه، وهو تأجيل الانتخابات وتمديد ولاية المجلس النيابي الحالي، وهو الخيار الذي يبدو أنّ حظوظه تتقدّم، إلّا إذا حدثت في الأيّام القليلة المقبلة تطوّرات جعلت إمرار الاستحقاق الانتخابي، كيفما كان، مطلوبًا، هو الخيار الأرجح.