اوراق مختارة

سعر الـ«لولار» مستقر على 17%

post-img

صحيفة الأخبار

استقرّت الأسعار السوقية للشيكات المصرفية بالعملة الأجنبية المصنّفة «لولاراً» بعد سنوات من التقلبات. يبلغ سعر كل دولار مصرفي أو «لولار» 17 سنتاً، أو 15215 ليرة، أي أعلى بـ215 ليرة من السعر الرسمي للدولار المصرفي البالغ بحسب تعاميم مصرف لبنان 15 ألف ليرة. ولا يتوقع أن تطرأ تغيرات على هذا السعر قريباً، طالما أن الحكومة ومصرف لبنان متفقان على هذا السعر الذي يعدّ ثاني سعر سوقي للدولار في لبنان إلى جانب السعر النظامي الذي يصدره مصرف لبنان والبالغ 89500 ليرة وسطياً لكل دولار «فريش».

في السنوات الماضية، كان الطلب على الدولار المصرفي مرتفعاً من المصارف نفسها التي كانت تشتري كميات منه لتغطية مؤونات أو لتغطية خسائر.

ورغم الطلب المرتفع كان سعر الدولار المصرفي على مسار تراجعي وبلغ أدناه 10 سنتات. لم يكن هناك أي أفق لأي تحسّن في سعر اللولار طالما أن الحكومة ومصرف لبنان يرفضان إصدار قرار رسمي بتسعيره ويكتفيان بما صدر من تعاميم تفيد بأن مصرف لبنان يشتري الدولارات من المصارف على سعر 15 ألف ليرة ضمن حدود.

كان الفرق بين سعر التعميم وسعر السوق هو الربح الذي يتلقاه المصرف أو الشاري مقارنة مع سعر الدولار النقدي «الفريش». وبالإضافة إلى الطلب المصرفي، وهو كان الأكبر، كان هناك طلب آخر يتعلق بتسديد القروض.

المقترضون كانوا يشترون الدولارات المصرفية من أصحاب الحسابات الراغبين في ذلك، ثم يبيعونها للمصارف أو لآخرين. عملياً، كانت تجارة الشيكات رائجة في فترة طويلة من عمر الأزمة، ولا سيما بين 2020 و2023.

كان الأمر بمثابة شراء ورقة رابحة لكن سعرها بخس. وكلما صار السعر أبخس وأدنى، كلما حققت هذه الورقة ربحاً أكبر للمتاجر فيها. وكانت هذه التجارة تتم من خلال وسيلة الدفع الأساسية، أي الشيكات المصرفية. كان مسموحاً للزبون أو لصاحب الحساب والوديعة أن يصدر شيكاً يمكن تجييره لطرف آخر، ويمكن أن يحمله المتاجر به لأشهر.

الآن اختلف الوضع كلياً. إذ إن مصرف لبنان أصدر تعميماً يقضي بالتوقف عن «إصدار شيكات مصرفية بالعملات الأجنبية أو بالليرة اللبنانية باسم مصرف آخر إلا إذا تم تضمين الشيك اسم المستفيد الذي يقتضي أن تودع قيمة الشيك في حسابه».

وهذا يعني أن مصرف لبنان يرغب في منع التعامل بالشيكات المصرفية كأنها عملة يمكن أن تنتقل بين الأطراف الاقتصادية، سواء أكانت مصارف أم أشخاصاً أم شركات.

وبالتالي، فإن العامل الأساسي الذي بقي يؤثّر على سعر اللولار في السوق هو سعر الصرف المذكور في التعميم 151، الذي يسمح بالسحب من الودائع المقومة بالدولار العالق في المصارف، بالليرة، على سعر صرف 15 ألف ليرة للدولار الواحد. ما يعني أن من يستخدم هذا التعميم يأخذ نحو 16.7% من القيمة الفعلية لوديعته، إذ تمثّل هذه النسبة الفارق بين الـ15 ألف ليرة وسعر الصرف الرسمي (89500 ليرة للدولار)، وهذا الرقم قريب من سعر اللولار في السوق الذي يقارب 17%. وقد استقرّ هذا السعر نسبياً في الآونة الأخيرة مع الهدوء الذي حلّ في سوق تداول الشيكات المصرفية.

في بداية الأزمة، استُخدم اللولار ضمن حلقة تجارية كانت نهايتها تسديد الديون. كانت المصارف تقبل تسديد الديون بواسطة الشيكات المصرفية. وقد استُخدمت هذه الأداة لتسديد جزء واسع من الديون التي انخفضت من نحو 39.2 مليار دولار في 2019 إلى نحو 5.16 مليارات في حزيران 2025.

إلا أن هذه الحركة انخفضت وتيرتها في الآونة الأخيرة، إذ سُدد منذ نهاية السنة الماضية حتى شهر أيلول الحالي نحو 2.2 مليار دولار، في حين سُدد بين 2019 و2024 نحو 31.8 مليار دولار كان الجزء الأغلب منها في السنوات الأولى بعد الأزمة.

عملياً، جزء كبير من المدينين استخدموا الشيكات المصرفية، من خلال شراء حسابات موجودة في المصارف بسعر أقل من سعرها الحقيقي، وذلك لتسديد قروضهم. كانت المصارف في هذه الحالة مستفيدة، على المدى القصير، من خلال التخلّص من الودائع وشطبها مقابل شطب الديون «المُسددة»، إلا أنها على المدى الطويل كانت عملية خاسرة حيث سُددت هذه الديون بقيمة أقل من قيمتها الحقيقية. في المقابل، استطاع الدائنون أن يُسددوا ديونهم بقيمة أقل من قيمتها بكثير.

لذا، بعد منع التداول بالشيكات المصرفية، إلا من قبل أصحاب الحسابات الأصلية، لم يعد لهذه الشيكات القيمة السابقة نفسها، ولم يعد هناك هدف من التداول بها، وهو الأمر الذي انعكس من خلال الاستقرار في أسعارها. ويمكن أن يتأثّر السعر بأي قرار ستتخذه الحكومة في إطار توزيع الخسائر ومعالجة الفجوة المالية في ميزانياتها وميزانية مصرف لبنان.

إذ يترتب عليها التزامات للزبائن، هي في الواقع توظيفات لدى مصرف لبنان لم تعد موجودة. وهناك طرح آخر في الحكومة يتعلق بشطب جزء من الودائع ربطاً بمتوسط أسعار اللولار في سنوات الأزمة، وهذا ما سيترك بصمته على السعر أيضاً، إنما لا يمكن تحديد مستويات لسعر اللولار في المستقبل من دون الاطلاع على نوايا الحكومة ومصرف لبنان.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد