روجيه أبو فاضل (صحيفة الديار)
كشف مصدر قضائي رفيع يتابع يومياً حركة قصور العدل في جبل لبنان، أنّ قضاة بعبدا "يعملون بضمير وانضباط لافتين رغم الإمكانات المتواضعة"، مشيراً إلى أنّ التحقيقات تُستكمل في بعض الأيام حتى ساعات الليل على ضوء الهواتف المحمولة بسبب انقطاع الكهرباء، لضمان عدم تجاوز المهل القانونية ومنع أي توقيف تعسفي.
ويضيف أنّ النقص الكبير في عدد المساعدين القضائيين يضع ضغطاً إضافياً على الجلسات، إذ يُضطر المساعد إلى ملازمة غرفة التحقيق طوال مدة الاستجواب، ما يؤدي إلى إقفال الأقلام وتأخير معاملات المحامين.
وبرأي المصدر، فإنّ "هذه الظروف القاسية لا تكشف فقط حجم التحديات داخل قصر العدل، بل تبرز أيضاً التزام القضاة الحقيقي بحماية حقوق الموقوفين والمتقاضين، والعمل وفق الأصول رغم غياب أبسط المقومات اللوجستية".
وفي موازاة هذا الجهد، يشير المصدر إلى تحسن واضح في أداء المرفق القضائي، "حيث لمس المواطنون والمحامون فرقاً حقيقياً في انتظام العمل وتسريع الملفات"، مؤكداً أنّ هذا التطور جاء نتيجة تغيّر جذري منذ تسلّم القاضي سامي صادر مهامه كنائب عام استئنافي في جبل لبنان.
فقد أدى التنسيق اليومي بين القاضي صادر والرئيسة الأولى لمحاكم الاستئناف القاضية ميرنا بيضا، إضافة إلى التعاون المنظّم مع قاضي التحقيق الأول القاضية ندى الأسمر، إلى فرض انضباط داخل العدلية، ووضع حدّ للفوضى السابقة، ولا سيما في ما يتعلق بالسمسرة والتدخلات غير القانونية.
ووفق المصدر، ساهمت هذه الآلية المشتركة في إنشاء ما يشبه "غرفة عمليات قضائية" بين النيابة العامة والتحقيق، ما سرّع حركة الملفات وضبط انتقال الموقوفين ومنع التراكم.
ويؤكد المصدر أنّ هذه النهضة لم تكن ممكنة لولا الدعم المباشر من رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، الذي شدد خلال لقائه قضاة النيابة العامة على التمسك بالقَسَم وتطبيق القانون بلا استثناءات، مؤكداً لهم: "إذا تعرضتم لضغوط، فأنا أحميكم".
ويختم المصدر أنّ قصر عدل بعبدا "عاد ليشكل مركز ثقة للمواطنين، وأن الزخم الحالي هو نتاج عمل جماعي أعاد للعدلية جزءاً كبيراً من هيبتها، ورسّخ مبدأ أن القضاء يمكن أن يكون قوياً حتى في أصعب الظروف".