اوراق مختارة

«غينيس» ترفض غسل صورة إسرائيل

post-img

علي سرور/ جريدة الأخبار

ثارت ثائرة إسرائيل وداعميها على موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية بسبب إيقاف الأخيرة جميع علاقاتها مع تل أبيب، وعدم تسجيل أي من الأحداث التي تجري في الكيان العبري. واصطدمت محاولة إسرائيل تسجيل «أكبر تجمع لمتبرّعي كلى» أخيرًا، برفض علني وواضح من الموسوعة إزاء إقامة أي شكل من أشكال التعاون مع الاحتلال في ظلّ الأوضاع الحالية. وعلى إثر ذلك، اشتعل الناشطون الإسرائيليون والمؤيدون لهم غضبًا، وعلى رأسهم وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، الذي رأى أنّ القرار «لا يُغتفر» وأنّ نحو ألفَي متبرّع إسرائيليّ «يُحرَمون» من تسجيل لحظة احتفالية «فقط لأنّهم من إسرائيل»، على حدّ تعبيره، مطالبًا بإلغاء القرار «المشوّه فورًا».

• سياق سياسي لا يمكن تجاهله

جاء ردّ الموسوعة الدولية أكثر اتّزانًا من بيان وزير الخارجية، كاشفًا خلفية القرار التي تحاول إسرائيل القفز فوقها. فقد أوضحت «غينيس» عبر حسابها الرسمي أنّ الظروف السياسية، تحديدًا في سياق الحرب على غزة، فرضت سياسةً تقضي بوقف استقبال الطلبات الواردة من «الأراضي الفلسطينية أو إسرائيل»، باستثناء الحالات المرتبطة بمنظمات إنسانية أممية.

لا تعدّ هذه السياسة وليدة اللحظة، فهي سارية منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، أي بعد اندلاع الحرب واتّساع نطاق المجازر التي وثّقتها منظمات دولية، ما دفع الشركة البريطانية إلى تجميد أي مشاركة يُحتمل أن تُستغل في التغطية على النزاع القائم. كما أشارت في معرض ردّها إلى مراجعة شهرية قد تسمح لاحقًا بإعادة فتح الباب أمام الطلبات الجديدة.

• استغلال «الأرقام القياسية» سياسيًا

لم يقتصر الردّ على الرسميين الإسرائيليين، إذ اصطف إلى جانبهم الملياردير الأميركي، بيل أكمان، الذي هاجم قرار «غينيس»، داعيًا إلى إنشاء منصّة منافسة «لا تتحيّز سياسيًا»، وفقًا لوصفه. يعكس هذا الهجوم رغبة واضحة في تحويل سجلات الأرقام القياسية إلى ساحة دعائية إضافية، في وقت تواجه فيه إسرائيل عزلة أخلاقية عالمية متزايدة جرّاء حربها على غزة، وآخر فصولها انسحاب دول أوروبيّة عدّة، من بينها إيرلندا وإسبانيا وهولندا، من مسابقة الغناء العالمية «يوروفيجن»، احتجاجًا على مشاركة إسرائيليين فيها.

المفارقة أنّ الحدث الذي تسعى إسرائيل إلى فرضه يتعلّق بمجموعة «متبرّعي كلى»، بينما تُتّهم قواتها في المقابل بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين الفلسطينيين، وحرمان آلاف المرضى من الوصول إلى الرعاية الصحية، بمن في ذلك مرضى الكلى الذين يعتمدون على جلسات الغسيل الحيوية.

● شلل أخلاقي لا تعالجه الأرقام

تكشف هذه السجالات حجم القلق الإسرائيلي من التراجع العالمي في التعاطف مع سرديّتها، ومحاولة تعويضه عبر محطّات رمزية تُقدَّم تحت عنوان «إنجازات إنسانية». إلا أنّ الأرقام القياسية تفقد معناها عندما تتحوّل إلى أداة لتلميع صورة طرفٍ يحاصر شعبًا كاملًا ويقصف مستشفياته، بينما يعيش الفلسطينيون واقعًا لا تُسجَّل مأساته في أي كتاب.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد