أوراق إعلامية

دراسة: تعليقات مواقع التواصل لا تعبّر عن الرأي العام الفعلي

post-img

من المرجّح أن كل من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي قد لاحظ منذ فترة طويلة أن بعض الأشخاص لا يكتفون بالتعليق المكثف، بل يهيمنون فعليًا على النقاشات في منصات مثل "إكس" و"ريديت" (Reddit). غالبًا ما يُطلق على هؤلاء اسم "محاربي لوحة المفاتيح"، نظرًا لنشاطهم المتكرر ووجودهم الدائم في ساحات الجدل.

توصّل فريق من الباحثين من معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية، وجامعة درسدن التقنية في ألمانيا، إلى جانب جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة، إلى أنّ هذا النمط شائع إلى حد كبير. جاء ذلك ضمن دراسة أُجريت على مجموعات اختبار أنشأوها داخل منصة ريديت، بهدف فهم أسباب ميل بعض الأفراد إلى النشاط المفرط في الإنترنت مقارنة بغيرهم.

رأى الباحثون أنه "غالبًا ما تهيمن على النقاشات مجموعة صغيرة من المستخدمين النشطين، بينما تبقى الغالبية في موقع الصمت"، محذّرين من أن "عدم توازن" الأصوات المطروحة يمكن أن "يشوّه تصورات الرأي العام" و"يُغذّي الاستقطاب". وأشار الفريق إلى أنه، بعد انضمام 600 متطوّع إلى مجموعات نقاش تتناول 20 موضوعًا سياسيًا، اتضح أن "المستخدمين النشطين" هم من يسيطرون على الحوار، فيما يتجنّب "المتفرجون" المعتادون الخوض في نقاشات يعتبرونها "سامّة أو غير محترمة أو مشحونة بالاستقطاب".

وفقًا للنتائج المنشورة أخيرًا، فإن اشتداد حدة النقاش يؤدي إلى مزيد من هيمنة ما وصفه الباحثون بـ"الأقلية النشطة". وأوضحوا أن هذه الفئة من المعلقين غالبًا ما تتكوّن من رجال، لديهم اهتمام كبير بالسياسة، ويعرّفون أنفسهم بأنهم "معلّقون نشطون عبر الإنترنت". ورغم محاولة تحفيز المستخدمين السلبيين على الانخراط، فإن التدخلات المبذولة لم تنجح كثيرًا في كسر هيمنة المشاركين النشطين، حتى حين وُسِّعَت قاعدة النقاش. كذلك لفت الباحثون إلى أن دعوات من قبيل "رجاءً تحلَّ بالاحترام" لم تلقَ استجابة تُذكر، خصوصًا من جانب الفئة المهيمنة.

خلصت الدراسة إلى تحذير واضح: لا ينبغي اعتبار التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي أو المقالات الإخبارية انعكاسًا دقيقًا للرأي العام، لأن من يعتقد ذلك "غالبًا ما يكون مخطئًا تمامًا"، بحسب ما أكّده الباحثون.

مع أن "توسيع المشاركة لا يمكن تحقيقه بالضغط على زر"، على حد تعبير الباحثة ليزا أوزوالد من معهد ماكس بلانك، فإن الفريق البحثي يرى أن هناك تدابير ممكنة، مثل وضع قواعد واضحة وتطبيقها بصرامة ضد السلوكيات السلبية، وتقديم مكافآت غير مالية للتعليقات الأولى عالية الجودة، يمكن أن تساهم في إشراك شرائح أوسع، وجعل النقاشات العامة على الإنترنت "أكثر واقعية" في تمثيل الرأي العام.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد