اوراق مختارة

مجزرة "البيجر" تثير قلقًا عالميًا من الإرهاب السيبراني

post-img

من جهة اخرى بدأت تنتشر رسائل تفيد بوجوب محاسبة مقترفي هذه الجريمة التي تهدد عالم الاتصال والتواصل العالمي بأكمله، وتعد جريمة حرب بحق تحمل في طياتها نوايا خبيثة مبيتة تهدد الأمن والسلم الدوليَّين. وهذا ما أكده وزيـر الـخـارجـيـة الأيـرلـنـدي، الذي وصف هجوم أجهزة البيجر بأنه استهتار متعمد بحياة الناس لأنها انفجرت في أماكن عامة، مشيرًا إلى أن الهجوم ينتهك بشكل واضح اتفاقية جنيف.

انفجرت "البيجرات" في مناطق لبنانية عدة بأيدي أصحابها المدنيين وعائلاتهم أو أصدقائهم الذين يقفون إلى جانبهم.. منذ تلك اللحظة تداعت بعض الدول المعنية حول العالم لنفي علاقتها بالجريمة التي ارتكبت في حق الإنسانية في بيروت ومدن لبنانية عدة، حتى الولايات المتحدة سارعت إلى نفي علاقتها بما أسمته "الحادث" منذ اللحظة الأولى على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض.

بدأت التحقيقات بالجريمة حول العالم، خاصة بعد أن نشرت "نيويورك تايمز" مقالها في اليوم التالي، عن علاقة شركة التقنيات "التايوانية" "غولدن أبوللو"، والتي باعت المنبهات المتفجرة [البيجرات] للبنان. ونقل موقع وكالة "أكسيوس" عن مسؤولين أمريكيين اثنين، أن إدارة بايدن لم تبلغ بالعملية، مع العلم أن العملية الصهيونية جاءت بعد يوم من زيارة المبعوث الأميركي، عاموس هوكشتاين" للكيان، وقال إن هوكشتاين حذر من عواقب التصعيد ضد حزب الله. كما كشفت مصادر أميركية لـ ABC News، أن "إسرائيل" ضالعة في بناء أجهزة البيجر وأنها خططت لذلك على مدى 15 عامًا. أما ما يؤكد مسؤوليتها عن هذه التفجيرات الإرهابية، فهو إقرار رئيس جهاز "الموساد" السابق، يوسي كوهين، في أيلول/سبتمبر 2023، أي قبل عام واحد  حينما قال:"نريد أن نكون في سلسلة التوريد الخاصة بهم، ونريد أن نتدخل فيها"، وذلك وفق مقابلة لموقع "ماكو" العبري، نقلتها منصة "إنتيلي تايمز" العبرية المعنية بأخبار الاستخبارات. 

أعادت بث الخبر وسائل إعلام عالمية محذرة من خطر الحرب السيبرانية التي تجلت في هذه العملية الإرهابية. وبحسب موقع أكسيوس، ونقلًا عن مصدر في المخابرات "الإسرائيلية، فإن للعملية الإرهابية هدفين: الأول، تحويل الاهتمام عن جبهة غزة إلى لبنان، وقد نجحت جزئيًا في ذلك، مع الاهتمام المتصاعد لوسائل الإعلام العالمي بما حدث في لبنان من تفجيرات البيجر واستمرار تداعيات الهجوم المستمرة اليوم في جنوب لبنان وفي الجبهة المقابلة في شمال فلسطين. والثاني، خلق شعور، لدى حزب الله وجمهور المقاومة بأن الحزب مخترق من أجل ضعضعة الثقة، وهي بالتأكيد لم تنجح بذلك، لأن ردات الفعل ما بين عوائل الشهداء ومحبي المقاومة كانت فوق ذلك، وعكست تصريحات الجميع الثقة بالمقاومة في لبنان. وتجلى فشل ضعضعة الثقة بها، في ما كتبه مسؤول المخابرات الأميركي السابق، إدوارد سنودن، على منصة إكس: "بالنظر إلى ردود الفعل على حملة الأفخاخ  المتفجرة الإسرائيلية من قبل الذين يعيشون في المنطقة، فقد خلقت أعداء أكثر بمئة مرة مما يمكن لحزب الله أن يأمل في تجنيده". وأضاف: "حتى من الناحية العسكرية، فهو[أي الإسرائيلي] قصير النظر إلى حد رهيب".

تساءلت واشنطن بوست حول توقيت العملية، فجاء جوابها: لأن الحكومة الإسرائيلية في حالة اضطراب، خاصة وأن واشنطن ليست جاهزة في هذه المرحلة لتوسيع الصراع في المنطقة كما يريد نتنياهو، ولكن الصحيفة شككت بنوايا الصهاينة في لبنان. والأكثر من ذلك فإن النائب في الكونغرس الأميركي، ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، طالبت بالتحقيق إذا ما كانت أي موارد أمريكية قد ذهبت نحو العملية الصهيونية التي استهدفت أجهزة البيجر المنفجرة في لبنان. قلق كورتيز عبرت عنه عدة حكومات ومنها تايوان التي اتهمت إحدى شركاتها بتوريد الأجهزة إلى لبنان، كما نفت هنغاريا ضلوع أي من شركاتها في المؤامرة، وبيّنت أن الشركة المتهمة بتسهيل عملية الشراء والتوريد إلى لبنان، هي شركة وهمية وابتدأت بالتحقيق. وباشرت شركة أيكوم اليابانية بالتحقيق في ما إذا كانت أي من أجهزتها قد استخدمت في العملية الإرهابية، هذا وأكد كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، يوشيامسا هايايش، أن الحكومة اليابانية تجمع المعلومات حول هذه المسألة.

كل ذلك يوحي بحجم القلق من الخطر الذي حملته عملية تفجير أجهزة التواصل كونها يمكن أن تتكرر في شبكة الهواتف الخلوية اليوم، فهل يسمح العالم للصهاينة باستخدام الأجهزة التي يستعملها الناس للتواصل كقنابل متفجرة بين أيديهم، وما مدى تأثير ذلك في أمن المدنيين الأبرياء في لبنان والعالم؟ لقد أثارت عملية تفجير "البيجرات" في لبنان قلق الجميع. لأن هذا معناه أن هناك خطرًا حقيقيًا على جميع أجهزة الاتصال العالمية، وهذا يعني أن هذا الكيان قادر على تفجير أجهزة الاتصال في البر والبحر والجو، وتعطيلها وتعطيل حركة النقل والتجارة العالميين، مما سيتسبب بكوارث كبيرة.

بحسب "وول ستريت جورنال"، فإن ما حصل هو إرسال "فيروس" من خلال الرسائل إلى أصحاب الأجهزة مما تسبب بانفجار لوحدة الطاقة الخاصة بها. وبحسب الشهود، فإن الأجهزة ارتفعت حرارتها فجأة، مما يشير إلى تسخين بطاريات "الليثيوم" مما يرجح فرضية "وول ستريت"، وهو أيضًا ما شرحه "سنودن" في تغريدته على منصة "إكس". وتضيف "روسيا اليوم" إلى وول ستريت "إن الأحداث الأخيرة تثير العديد من التساؤلات حول الوسائل والتقنيات المستخدمة في الحروب المعاصرة"، فالعملية تكشف أن هناك "إمكانيات خطيرة متصاعدة في مجال الحرب الإلكترونية والإرهاب التكنولوجي"، وابتدأت دول منها روسيا والصين بوقف استخدام أجهزة الاتصال البيجر أو الوكي توكي التي انفجرت في لبنان. ما حدث سيتسبب بالتأكيد بكارثة اقتصادية كبرى لأصحاب هذا النوع من الشركات.

يقول الأمريكيون أن "التصعيد في المنطقة ليس لمصلحة إسرائيل"، ولكنهم لا يفعلون شيئًا، مما يدل على أن وزير الدفاع الأميركي يعلم تمامًا ما يحدث بعد اتصال وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت به، مما ينفي الادعاءات الأميركية الجهل بما حدث. فما الذي يفعله هؤلاء "الإرهابيون المتهورون"؟ وهذا النوع من التهور في التصرفات واتخاذ القرارات شهدناه فقط بين إرهابيي "داعش" و"النصرة" في العراق والشام. وما تزال حتى اليوم تداعيات هذا التصرف الجبان والإرهابي تتفاعل تداعياته في جبهة الجنوب وعلى الجبهة الشمالية في فلسطين. ومن المؤكد أن الصهيوني لم يفهم الرسائل المتعددة التي أرسلها حزب الله في مختلف المواقف التي أطلقها الأمين العام لحزب الله والقيادات فيه، بأن وقف استهداف الأهداف العسكرية في شمال فلسطين لن يتوقف إلا بوقف الحرب الصهيونية على غزة الأبية، كما يؤكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله دومًا.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد