شارك عشرات الآلاف من سكان طهران، أمس، في مراسم تأبین الأمين العام لـ«حزب الله»، السيّد الشهيد حسن نصر الله، التي أقيمت قبل صلاة الجمعة، التي أمّها المرشد الأعلی الإيراني، آية الله علي الخامنئي. وهذه هي المرة الأولى التي يؤمّ فيها الخامنئي صلاة الجمعة في طهران منذ 17 كانون الثاني 2020، عقب اغتيال قائد «فيلق القدس»، الجنرال قاسم سليماني.ومنذ ساعات الفجر الأولى، تدفّق المصلون نحو مكان الصلاة، حاملين صور المرشد والشهيدَين نصر الله وسليماني وشهداء المقاومة ورموزها. وجاءت هذه المراسم، التي حضرها مسؤولون إيرانيون، بينهم الرئيس مسعود بزشكيان، ورئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، بعد ثلاثة أيام من الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، والمعروف بـ«عملية الوعد الصادق 2»، ردًّا علی اغتیال إسماعیل هنیة ونصر الله وعباس نیلفروشان، وسط تهديدات إسرائيلية بالردّ على هذا الهجوم.
أكد المرشد، في خطبة الجمعة، أن «الخطوة التي قامت بها القوات المسلحة الإيرانية قانونية وتحظى بالشرعية الكاملة»، مشددًا على أن «إيران لن تتأخر في أداء الواجب، ولن ننفعل ولن نتسرّع ولن نقصّر». وغاب عن الخطبة كبار القادة العسكريين الإيرانيين، وهو ما يمكن اعتباره علامة على استعداد القوات المسلحة الإيرانية للرد الفوري والحاسم على إسرائيل، في حالة وقوع هجوم على إيران. وفي سیاق متصل، قال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، علي فدوي، أمس، «إننا سنستهدف منشآت الطاقة والغاز الإسرائيلية إذا ارتكبت إسرائيل خطأ». ویعتقد مراقبون أن طهران تريد أن تبعث برسائل من خلال مخاطرتها بخروج المرشد ليلقي خطبته في جو شعبي في طهران مكشوف أمنيًا وعسكريًا. ویبدو أن إیران تريد أن تظهر أنها لا تخشی الأحداث الأخیرة، وأن محور المقاومة، على رغم الضرر الذي لحق بـ«حماس» و«حزب الله»، لن يسمح لإسرائيل بتغيير النظام الإقليمي، بالتعاون مع أميركا، على حساب المقاومة.
اختار المرشد أن يلقي خطبته باللغة العربية، في خطوة نادرة الحدوث، موجّهًا كلامه إلى الشعوب العربية، وتحديدًا الشعبين الفلسطيني واللبناني، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" «اقتنعت بأنها لن تحقّق النصر على حزب الله وحماس»، ومشدّدًا على أنه «لن يكتب لها البقاء». كما دافع الخامنئي عن عملیة «طوفان الأقصى» داخل الأراضي المحتلة في السابع من أكتوبر الماضي، معتبرًا أنها «مشروعة وطبيعية للشعب الفلسطيني». وأكد أن «لكل شعب الحقّ في الدفاع عن أرضه وسيادته، ضد المحتلين والغاصبين»، لافتًا إلى أن «للشعب الفلسطيني كامل الحق في أن ينتفض في وجه المحتل الذي أهدر حياته». ووصف الخامنئي السيّد الشهيد نصر الله بأنه «كان راية المقاومة، والمدافع الشجاع عن المظلومين»، معتبرًا أن «العدوّ الجبان عجز عن توجيه ضربة مؤثرة إلى بنى فصائل المقاومة، فلجأ إلى سياسة الاغتيالات والتدمير». ووصف السيّد نصر الله بأنه «أخي وعزيزي»، وقال إن «فقدانه أفجعنا وغادرنا بجسده، لكن شخصيته الحقيقية وروحه ونهجه وصوته الصادح سيبقى حاضرًا فينا أبدًا»، مضيفًا أن «المقاومة في المنطقة لن تتراجع بشهادة رجالها، والنصر سيكون حليفها».
كما شدد المرشد على أن «دفاع حزب الله عن غزة ونصرته للمسجد الأقصى هما خدمة مصيرية للمنطقة كلها»، معتبرًا أن «كل ضربة تنزل بالكيان الغاصب هي خدمة للمنطقة ولكل الإنسانية». وأشار إلى أن «الكيان الإسرائیلي، الذي تلقّى مساعدات هائلة من الولايات المتحدة والغرب، مني بالهزيمة في مواجهة بضعة آلاف من المجاهدين». وقال إن «المقاومة في غزة أذهلت العالم. وجهاد رجال فلسطين ولبنان أعاد الكيان الغاصب 70 عامًا إلى الوراء»، مؤكدًا أن «العامل الأساسي للحروب وانعدام الأمن في المنطقة هو الكيان الصهيوني الغاصب».