يعيشون بسلام، يمارسون هواياتهم؛ يتزلجون، يلعبون، يسبحون، يتنزهون، يركضون، يستنشقون الهواء العليل في الجبال والغابات والحدائق الغنَّاء.
يفلحون، يزرعون، يصنعون يبتكرون، يدرسون، يطبخون، يأكلون ما لذّ وطاب... يتمتعون بكل تفاصيل الحياة..
هكذا هم الغربيون..
كل ذلك يتمتعون به وأكثر، من نفطنا وحديدنا وذهبنا وغازنا ومن كل ثرواتنا، في حين أنهم يزرعون الحرب في بلداننا، ويقتلون أطفالنا، ويسفكون دماءنا. نعم، لقد أوكلوا أمر إبادتنا إلى إسرائيلهم، وتكفلوا بتسليحها بكل أنواع أسلحة الدمار الشامل، وبدعمها بالمال والطائرات والتكنولوجيا والأقمار الصناعية والتصفيق الحار لها كلما ارتكبت فينا المزيد.. ثم يرسلون إلينا وزراءهم ومبعوثيهم ليُهَدِّئوا من روعِنا، وليقولوا لنا "إصبروا وتحملوا فما هي إلا سويعات أو هنيهات أو ومضات انفجارات، لتصعد أرواحكم إلى باريها، وتتناثر أشلاؤكم بين الغبار والأنقاض".
.. ثم تكفلوا لنا أن يتأسفوا ويدعوا إلى ضبط النفس، ويدينوا قتلنا بكل دبلوماسية وأناقة واحتيال. وتعهدوا أيضًا أن يشجبوا العنف وأن يدعوا إلى عدم الإفراط في قتلنا. ولم نفهم كيف يكون القتل من دون إفراط.
هكذا هم الغربيون.
هكذا فعلوا عندما احتلوا القارة التي اغتصبوها ثم أسموها أمريكا. وهذا نكَّلوا بالناس في فييتنام وفي أفريقيا وفي العراق والسودان وليبيا واليمن، وفي كل أنحاء العالم.
في الأمس؛ تخابر رئيس فرنسا مع رئيس حكومة العدو الإرهابي، واتفقا على أن يتابع الأخير مجازره في لبنان، شرط أن يكون لفرنسا حصة من الحصاد، وأن يأتي النتن برئيس للجمهورية على قياس أحلام الأم الحنون. وانتهى التخابر بينهما بأن تمنى ماكرون لنتنياهو التوفيق في المهمة. وبدأت آثار المكالمة تظهر في الفضاء كثافة مسيَّرات، وفي الضاحية والبقاع والجبل وبيروت، كثافة غارات، وركامًا وانهيارات، وألوانًا أرجوانية على الجدران وفي الساحات والطرقات، وجثثًا وآليات، مقطعة ومتناثرة في الأرجاء.
لمّا أحدثكم بعد عن حصة بريطانيا من لحمنا، ولا عن حصص ألمانيا وإيطاليا وأستراليا وكندا والبرتغال وإسبانيا، والكثير الكثير من الخنازير المتوحشة متعددة اللغات.
هذا جزءٌ من مشهد الحضارة الغربية، في بلداننا العربية والإسلامية وغير الإسلامية، وجزء من مشهد النعيم الغربي الذي يُروى بدمائنا ويتغذى من أشلائنا.. فيا فلسطبن لا تجزعي، نحن أضحينا شركاء لك في المآسي، وفي التشرد والتسكع، وفي خيم العزاء ولبس السواد.