عرّت الطبيبة تانيا حاج حسن التي عملت في غزة الحقائق التي يحاول الإعلام الغربي إخفاءها عبر شاشة سي أن أن وعلى الهواء، من خلال وصف العدوان الإسرائيلي على غزة بـ"الإبادة"، مصحّحة استخدام مذيعة الشبكة لمصطلح "أزمة إنسانية" بدلها. وهي واحدة من اللحظات النادرة عبر شاشات الإعلام الغربي، وخاصة الأميركي، حيث تقال الحقائق بهذا الوضوح والمباشرة حول جرائم الاحتلال.
بث برنامج "نيوز سنترال" عبر "سي أن أن" مقطعًا من حلقة نقاشية حول الذكرى السنوية لـ"طوفان الأقصى"، حيث أشارت مذيعة البرنامج، كيت بولدوين، إلى أن حوالى 1200 شخص قُتلوا خلال العملية، متجاهلةً كون هذا الرقم يشمل كذلك من قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في ذلك اليوم. ومع ذلك، اعترفت المذيعة أيضًا باستشهاد 42 ألف فلسطيني ونزوح مليوني غزّي بسبب عدوان القوات الإسرائيلية.
وصفت مذيعة "سي أن أن" الوضع في غزة بأنه "أزمة إنسانية"، وهي العبارة التي سارعت الطبيبة الأميركية للعناية المركزة بالأطفال، تانيا حاج حسن، إلى تصحيحها فورًا، ثم تحدّثت من صلب تجربتها متطوّعةً لمدة أسبوعين في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح في وسط قطاع غزة. فقالت حاج حسن: "بصراحة، الأزمة الإنسانية هي ما تتعامل معه عندما يكون لديك إعصار، وما تتعامل معه عندما يكون لديك زلزال، هذه ليست أزمة إنسانية كيت، وسأقولها بوضوح تام لمشاهديك، هذه إبادة جماعية".
تابعت الطبيبة فاضحةً الاحتلال على الهواء عبر شبكة أميركية: "عندما يكون 70% من السكان الذين يُقتَلون من النساء والأطفال، وعندما يكون السكان محرومين من الطعام والماء والدواء، وعندما تكون هناك هجمات متكررة على جميع المستشفيات والعيادات ومواقع توزيع المساعدات ووكالات المساعدات الإنسانية التي حاولت تقديم المساعدة، فعدد العاملين (في الأمم المتحدة) الذين قُتلوا في غزة يفوق عدد الذين قُتلوا في تاريخ الأمم المتحدة".
أضافت: "وعندما يكون هناك أكثر من 900 أسرة أبيدت وشُطِبت من السجل المدني، وقُتلت، وعندما يكون هناك أكثر من 17 ألف طفل فقدوا أحد الوالدين أو كليهما، وعندما تكون هناك مخابز ومواقع توزيع المساعدات والكنائس والمساجد والمدارس، وفي الأيام الثلاثة الماضية، في آخر 24 ساعة في الواقع، قُصف مستشفى اليوم، كما ذكرت للتو، المستشفى الذي كنت أعمل فيه شخصيًا، وأستطيع أن أخبرك أنهم يعملون كل ثانية من كل يوم لمحاولة الحفاظ على الحياة"؛ ثم انتقلت الطبيبة إلى مهاجمة تغطية الإعلام الغربي عمومًا، والأميركي خصوصًا، للعدوان الإسرائيلي، الذي تعرّض للانتقاد مرارًا بسبب الانحياز لإسرائيل، والدفاع عن جرائمها أو إخفائها، ونزع الإنسانية من الفلسطينيين، وإظهارهم بمظهر الإرهابيين بشكل يسهّل تقبّل إبادتهم. وقال الطبيب للمذيعة: "ولذلك فمن الصعب حقًا سماع ذلك (وصف أزمة إنسانية) مرارًا وتكرارًا، بالطريقة التي تؤطرها وسائل الإعلام، والتي، بصراحة، مضللة للغاية، كيت".
لخّصت فظائع العدوان، وانحياز الدول والإعلام لمصلحته، فقالت على هواء "سي أن أن": "ثلاثمائة وخمسة وستون يومًا من هذا. أعداد القتلى عفا عليها الزمن حتى الآن.. ليست لدينا أي فكرة عن عدد الأشخاص الذين قُتِلوا"، "خائفة حقًا بشأن ما سنكتشفه عندما يزول الغبار. ستكتب كتب التاريخ حول هذا"، "وسيتعين على البلدان أن تعيد حساباتها، وعلى وكالات الإعلام أن تعيد حساباتها، مع دورها الرئيسي في الإبادة الجماعية لشعب بأكمله وفي تدمير القانون الإنساني وسيادة النظام".
فضائح نادرة عبر "سي أن أن"
شهادة تانيا حاج حسن هي حدث نادر في تاريخ الإعلام الأميركي، خصوصًا في سياق العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي أصرّت الشبكات الأميركية، بما فيها "سي أن أن" نفسها على إخفائه والتلاعب بالصور والكلمات من أجل تخفيف أثره على سمعة الاحتلال الإسرائيلي. وهو انحياز فضحه الموظفون داخلها، وممارساتها اليومية، وتقارير الزملاء.
يقول الصحافيون في غرف الأخبار التابعة لشبكة سي أن أن في الولايات المتحدة وخارجها، إن عمليات البث قد تعرّضت للتشويه بسبب مراسيم الإدارة وآلية الموافقة على نشر الأخبار والتقارير، ما أدى إلى تغطية غير مهنية للعدوان. وكانت صحيفة ذا غارديان البريطانية قد نقلت عن أحد موظفي الشبكة قوله: "في نهاية المطاف، تعتبر تغطية سي أن أن للحرب بين إسرائيل وغزة بمثابة سوء ممارسة صحافية".