نظم الشاعر اليمني معاذ الجنيد قصيدة رثاء لسيد المقاومة الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله بعنوان “ثالث الحسنين”، هذه أبياتها:
حاشا لمِثلِكَ أن يموتَ بِداءِ
فوق الفِراشِ كمِيتَةِ الجُبناءِ
ما جئتَ إلا كي تعيشَ مُخلَّدًا
في الأنبياءِ وحضرةِ الشهداءِ
عُمرًا حُسينيَّ الملاحِم عِشتَهُ
لا ينقضي إلا ببذلِ دماءِ
عانِق حفيدَكَ يا عليُّ وهكذا
فليلتَقِ العُظماءُ بالعُظماءِ
يا أوَّلَ الكلماتِ في أشعارنا
يا مُلِهمَ الثُّوارِ والشُّعراءِ
يا آيةً في قلب كلِّ مُجاهدٍ
يا شُعلةً في دربِ كلِّ فدائي
يا أيُّها الفصلُ المُضيءُ نُبوَّةً
في جاهليةِ أُمَّةٍ جهلاءِ
يا من تدارَكتِ العُروبةُ نفسها
بخُطاهُ عند تسارُعِ العُملاءِ
يا فجرَ آيَّار البهيِّ وشمسَ تـ
مُّوز العظيمِ ونبعَ كلِّ ضياءِ
يا كسوةَ البيتِ الحرامِ وقِبلةَ
الأقصى الشريفِ وغَوْرَ غارِ حِراءِ
يا سورةَ النصرِ التي بمجيئكَ
ابتدأت وغايةَ سورةِ الإسراءِ
سافرتَ من عصرِ النبيِّ لعصرنا
بمُهِمَّةٍ أتممتها بوفاءِ
والآن عُدتَ إلى(الوصيِّ.. وأحمدٌ
فتَحَ الكِساءَ وقال: عُد لكِسائي
يا حمزةَ الثاني لدينِ محمدٍ
يا ثالثَ الحسنيين للزهراءِ
دمُكَ الزكيُّ وُضوءُ فرضِ صلاتنا
في المسجدِ الأقصى مع الشُرَفاءِ
لقد اصطفاك الله قائدَ حزبِهِ
وأمينَ حزب الله في الأُمناءِ
وعميدَ مدرسةِ الجهادِ بفترةٍ
كم عاشَ هذا الاسمُ من إقصاءِ
فجرًا طلعتَ على عُروبتنا كما
فجر الرسالةِ في قُرى الصحراءِ
فلبِستَ مِحرابَ الرسولِ عباءةً
وحملتَ سيفَ عليِّ في الهيجاءِ
ورفعتَ في زمَنِ الخُنوعِ رُؤوسَنا
وأنرتنا في الحِقبةِ الظلماءِ
أسقيتنا لبَنَ الكرامةِ عندما
كان الخُضوع رضاعة الرؤساء
أحييتنا عزَّا، جهادًا، ثورةً
أيقظتنا من سكرةِ الإغماءِ
فكأنَّما هي سيرةٌ نبويةٌ
وكأنَّما هي بِعثةُ الإحياءِ
في ظِلِّ حُكمِ خلافةٍ أمويةٍ
عصرية الألقابِ والأسماءِ
كُنت الدليلَ لحُبِّ آلِ محمدٍ
وأمينَ عامِ العِترةِ النُّجَباءِ
شيَّعتَ في حُبِّ الحسين بعصرنا
أُمَمًا رأت بِك سيَّدَ الشهداءِ
فتركتَ ما ترَكَ الحسينُ حرارةً
بقلوبنا لا تنتهي برثاءِ
أيامُ عمرك للشعوبِ ملاحمٌ
تُروى، ومعراجٌ إلى العلياءِ
يا من كَبُرنا مُمسِكين رِداءَهُ
كتعلُّقِ الأبناءِ بالآباءِ
عُمرًا تنفَّسناكَ مُنذُ اللمَّةِ
السوداءِ حتى اللحيةِ البيضاءِ
ستظلُّ أجملَ ذكريات حياتنا
شغَفُ انتظارِ جبينِك الوضَّاءِ
ستجيءُ أحداثٌ ونفرحُ أنَّنا
سنراكَ.. فرحةَ غفلةٍ عمياءِ
ولسوف يصدمُنا التذكُّرُ حينها
أنَّا تنفَّسناك دون هواءِ
ستُبالغُ الأشواقُ في استهدافنا
شوقًا لنصر الله كل مساءِ
لقداسةِ الإطلالةِ العلويَّةِ
الغرَّاءِ ثمَّ قداسةِ الإصغاءِ
لحضورهِ، لحديثِهِ، ولصمتهِ
ولرأيهِ ولنُطقِهِ للرَّاءِ
والفجرِ والعشرِ الليالي دونَهَ
بمُحرَّمٍ عن عشرِ عاشوراءِ
سيُداهِمُ الشوقُ الشعوبَ جميعها
من يُطفئُ الأشواقَ في البُسطاءِ؟
يا أُمَّةَ الإسلام أيُّ مُصيبةٍ
حلَّت عليك اليوم أيُّ بلاءِ؟
أن تفقدي الرجُلَ الذي اجتمعت بهِ
أخلاقُ من فارقتِ من عُظماءِ
وكأنَّ جبرائيل في استشهادهِ
قد قال: جُد بالدمعِ يا جبرائيـ
هو من رسول الله نورٌ، رحمةٌ
بُشرىً، هُدىً، فضلٌ، بُحورُ عطاءِ
هو من فَمِ الكرَّارِ نهجُ بلاغةٍ
فيرى الإمامَ عليَّ فيهِ الرائي
هو من معارفِ حيدرٍ ما لم يُقَلْ
في الشقشقيةِ من رُؤىً غرَّاءِ
هو غضبةُ الحسنِ الشهيد لربِّهِ
هو حربُهُ لعصابةِ الطُلَقاءِ
وهو الحسينُ السبطُ أو قُل أنَّهُ
ما في الحسين السبطِ من آلاءِ
هو صبرُهُ، هو بأسُهُ، هو عزمُهُ
لقتالِ آلافٍ من الأعداءِ
هو درعُهُ في كربلاء ونحرُهُ
هو صدرُهُ المُلقى على الرمضاءِ
هو في فَمِ العباسِ جمرُ مُروءةٍ
هو في يدِ العبَّاسِ قِربةُ ماءِ
هو كلُّ أبناءِ الحسين وكلُّ أصْـ
ـحابِ الحسين وكلُّ فصلِ إباءِ
هو كلُّ آلِ محمدٍ من حيدرٍ
حتى أبي جبريل مُوسى الماءِ
هو والحسينُ البدرُ كان سناهُما
فجرًا ثُنائيَّا وأيُّ ثُنائي
هو من تعهَّدَ غزَّةً بدمائهِ:
يا أهلَ غزَّةَ دونكم أشلائي
وسعى ليُلهيْ الطائراتِ بقصفهِ:
هذا أنا يا قصفُ دعْ أبنائي
هو من بِهِ الرحمنُ آنسَ وحشةَ
الأنصارَ واسَى غُربةَ الغُرباءِ
لُطفًا إلهيًا سرى في شعبنا
ومعونةً في ساعةِ البأساءِ
يا من نُهنِّئُهُ على ما نالَهُ
وبكلِّ حلقٍ ثَمَّ بيتُ عزاءِ
ي كلِّ قلبٍ حُزنُ ألفِ رُقيَّةٍ
وقوافلٌ من زينب الحوراءِ
حُزنٌ تعاهدنا على تفجيرِهِ
حِمَمًا، براكينًا على الأعداءِ
لبَّيك نصرَ الله سوف تظلُّ في
ساحاتِ حزبِ الله فصلَ قضاءِ
ستظلُّ نصرُ الله نصرَ الله في
جبهاتِنا حسمًا لكُلِّ لقاءِ
يا سيِّدي.. والشمسُ بعدك كُوِّرَتْ
فاطلعْ ومُدّ سناك في الأرجاءِ