تُوّجت، يوم الأربعاء، المصورة الصحافية الفلسطينية سمر أبو العوف بجائزة حرية الصحافة الدولية لعام 2024 التي تقدّمها منظمة صحافيون كنديون من أجل حرية التعبير. وهي شاهدة أخرى على فظائع العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي خلّف حتى اليوم الخميس 42 ألفًا و847 شهيدًا و100 ألف و544 مصابًا، وآلاف المفقودين، ودمارًا هائلًا في الأبنية السكنية والبنى التحتية، ومجاعة قاتلة لا سيما في الشمال أودت بحياة أطفال ومسنين.
كتبت منظمة صحافيون كنديون من أجل حرية التعبير في إعلان الفوز أن سمر أبو العوف "أمضت أكثر من عقد من الزمن وهي تكسر الأدوار التقليدية للجنسين، وتلتقط وقائع الحرب القاسية في غزة، إلى جانب لحظات الفرح والصمود من خلال صورها القوية. وقد أكسبها عملها الأخير الذي وثّقت فيه الحرب منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تقديرًا دوليًا، بما في ذلك جائزة أنيا نيدرينغهاوس للشجاعة في التصوير الصحافي لعام 2024 وجائزة جورج بولك".
عن مشاعرها في حفل تتويجها دوّنت أبو العوف عبر "فيسبوك": "كنتُ منفصلةً تمامًا أبكي المجاعة، وأبكي الخوف والرعب الذي ترتجف منه قلوب الأطفال في كل لحظة"، "لأول مرة أسافر كل هذه المسافة البعيدة، لأمثّل غزة وليس نفسي"، "ليس للاحتفال لا يوجد احتفال وغزة جريحة. أردتُ أن أكون هناك بصفتي امرأة ومصورة صحافية فلسطينية فقط". كما كتبت: "بكيتُ كثيرًا، وكان قلبي يصرخ ولا أحد يسمعني، أريد أن أشرح كل شيء ولكن ربما مشاعري الحقيقية خرجت من تلقاء نفسها. في الماضي كنتُ أعتبر كل هذا إنجازًا شخصيًا وأهدافًا أتمنى أن أصل إليها، أما اليوم فهو فرض وواجب، يجب أن أتحدث ليسمع صوتي من يريد أن يصغي جيدًا. لا أعرف مدى التأثير، لكني أحاول ألا أتوقف وألا أموت وأنا على قيد الحياة".
قصة سمر أبو العوف
كانت سمر أبو العوف (40 عامًا) مقيمة في قطاع غزة حيث عملت مصورة فوتوغرافية مستقلة مع "نيويورك تايمز" و"نيويوركر" و"رويترز" ووسائل إعلام أخرى. وكانت تعمل على مشاريع توثّق الظروف المعيشية للنساء والأطفال في غزة، وقضايا النوع الاجتماعي تحت الحرب. وعاشت حياتها محاطةً بأصوات صفارات الإنذار والقصف، قبل الانتقال في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى قطر مع أبنائها الأربعة.
كما قالت سمر أبو العوف لصحيفة "ذا غلوب إند مايل" الكندية: "منذ أن غادرت غزة لم أسمع أي قصف. لقد عانيت منه لفترة طويلة لدرجة أنني اعتدت عليه"، "روحي في غزة. عائلتي هناك. ما زلت أعيشها"، "كان هدفي هو البقاء وتصوير ما يجري. لقد ضحيت بحياتي وحياة أطفالي. اضطررتُ إلى تركهم لفترات طويلة لأنني كنت مع مجموعة من الصحافيين الذين كانوا مستهدفين دائمًا. ولكن مع تعرض حياتهم للخطر، اضطررت إلى المغادرة من أجلهم".
منذ أكتوبر/تشرين الأول قتل الاحتلال 177 شهيدًا من الصحافيين والعاملين في قطاع الإعلام، وجرح وأصاب 396 منهم، واعتقل 36 على الأقل ممن عُرفت أسماؤهم. كما تعرّض أفراد عائلاتهم للاستهداف والقتل، إذ لقي ثلاثة عشر من أقارب سمر أبو العوف حتفهم على يد القوات الإسرائيلية. وأوضحت للصحيفة الكندية: "توفيت ابنة عمي في الشهر الثاني من الحرب أثناء عملية الإجلاء. لقد قُصفت أثناء مغادرتها المنطقة".
على الرغم من أنها اعتادت على تصوير الحرب والدمار، فإن مستوى الوحشية في هذا الصراع الأخير غيّر حياتها. تقول إن "الفرق الآن هو أنني فقدت كل ما بنيته. كما رأيت الناس يموتون في الشارع، بما في ذلك الرضع والأطفال"، "لقد صورت الناس وهم يستمتعون بالشاطئ ويأكلون في المطاعم. لن تكون غزة على هذا النحو مرة أخرى. لا أحد آمن في هذه الحرب".