تخوض "إسرائيل" حربًا مفتوحة مع «الأمم المتحدة» على جبهات عدة، بدأت بالاستهداف الممنهج لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) ومؤسساتها والعاملين فيها منذ السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام الماضي، وصولًا إلى قرار كيان الاحتلال قبل أيام بحظر العمل بالاتفاقيّة الموقعة بينه وبين الوكالة عام 1967.
تصاعد الهجوم الإسرائيلي على المنظمة، واشتد مع الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدوليّة، التي تُعدّ الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة. الغضب الإسرائيلي لم يستثن أيضًا مقار وجنود «اليونيفيل» في جنوب لبنان، وصولًا إلى قرار منع أمين عام الأمم المتحدة من دخول الأراضي الفلسطينية المحتلّة. وتسعى إسرائيل إلى تقويض شرعية الأمم المتحدة في محاولة للتملّص من التزاماتها الدوليّة، ولو تطلّب الأمر مهاجمة معرض فني في المقر العام للأمم المتحدة، يتضمّن رسومات أطفال من حول العالم.
هاجم داني دانون سفير «إسرائيل» في الأمم المتحدة، المنظمة الدوليّة بشكل حاد، بسبب معرض لرسومات الأطفال يدعو إلى السلام، داخل مقر الأمم المتحدة في نيويورك. كان غضب دانون نابعًا من كون إحدى الرسومات تُظهر خريطة لفلسطين المحتلة على شكل قطعة بطّيخ، مرفقة بالشعار الذي يؤرّق الصهاينة «من النهر إلى البحر... فلسطين ستكون حرّة». ووصف دانون الأمر بـ«المعيب»، زاعمًا أنه بعرضها لهذه الرسومات، فإنّ المنظّمة «لا تعترف بدولة إسرائيل»، مستنكرًا غياب أي رسمة تتناول الأسرى الإسرائيليين.
بالعودة إلى النغمة المفضلة لمسؤولي الكيان لمهاجمة المنظمة والتشكيك بحيادها وصدقيتها، قال دانون إنّ «المعرض دليل على نفاق المنظمة» داعيًا إلى إزالته فورًا. اللافت في الفيديو الذي نشره دانون على حسابه الخاص على منصّة «إكس»، أنّه رأى أنّ الرسومات تروّج للكراهية، في حين يظهر الفيديو بوضوح رسومات تحمل كلمات مثل «وقف إطلاق النار» ورمز حمامة سلام.
لكن يبدو أن دانون يريد سلامًا على الطريقة الصهيونية، وإخضاعًا لأفكار الأطفال وحظرًا على مخيلتهم إن لم تتطابق مع السردية الصهيونيّة. ووفقًا للظاهر، فقد تأخرت البعثة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة في الانتباه إلى محتوى الرسومات، إذ كان المعرض قد انطلق في التاسع من تشرين الأوّل (أكتوبر) المنصرم، ويمتد حتّى الخامس عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، أي إنّ شهرًا تقريبًا مرّ قبل أن تتحرك البعثة الإسرائيلية.
يحمل المعرض اسم «علم السلام العالمي»، ويهدف ـــــ بحسب موقع الأمم المتحدة ــــــ إلى «توحيد العالم عبر الفنون المصنوعة من إعادة تدوير النفايات وتحويل الملابس المهملة إلى قماش وتوظيفها في قضيّة اجتماعية. هذه المبادرة لا تقلل من التأثير البيئي فقط، بل تعزز أيضًا الوحدة العالمية عبر التعبير الإبداعي والالتزام المشترك بالمسؤولية الاجتماعية. وتعمل المبادرة على زيادة الوعي بأهداف التنمية المستدامة في المجتمعات حول العالم».
بحسب الناطق باسم الأمم المتحدة، فإنّ «موظفي الأمم المنظمة قد أبلغوا راعي المعرض، أنّ بعض اللوحات لا يمكن عرضها، ومنها اللوحة التي كُتبَ عليها «من النهر إلى البحر». واستطرد قائلًا إنّ «الرسومات كانت مغطاة بقطعة قماش مربّعة بالاتفاق مع المنظم في الأسبوع الثاني من شهر تشرين الأول. وفي وقت لاحق من الأسبوع الماضي، أزال شخص ما تلك الأغطية. قام زملاؤنا بتغطيتها مرتين الأسبوع الماضي وكانوا يخططون للقيام بالأمر نفسه اليوم بعدما علموا بإعادة الكشف عنها مرة أخرى. لقد نبهنا أمن الأمم المتحدة إلى التدخل غير المصرّح به المستمر في المعرض ومراجعة لقطات الأمن لمعرفة المسؤول».
في هذا السياق نقل موقع «فوكس نيوز» الأميركي الخبر، وتبنّى الرواية الصهيونيّة بالكامل، مقتطعًا كلمة من حديث داني دانون، وكان بارزًا العنوان الذي اختاره الموقع لنقل الخبر، إذ جاء كالتالي «معرض السلام التابع للأمم المتحدة يتضمن شعارًا يدعو إلى محو إسرائيل من الخريطة: «مُخزٍ».