على الرغم من العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان، افتتح متحف بيروت الوطني جناحًا حديثًا بهندسته ومفهومه، الخميس، يشكّل بحسب القائمين عليه "مساحة فنية وثقافية للأعمال والنشاطات المتعلقة بالتراث اللبناني".
بجدرانه الخارجية المبنية بالحجر الرملي، ينسجم المبنى المخصص لهذا الجناح الجديد الذي يحمل اسم رجل الأعمال اللبناني الراحل نهاد السعيد مع الطراز المعماري لمبنى متحف بيروت الوطني القديم، ويشكّل امتدادًا له، "لنفخ الروح في معلم وطني بقي صامدًا في وجه الحروب والدمار"، بحسب البيان الصحافي لإدارته.
قالت عضو لجنة جناح نهاد السعيد للثقافة، يمنى زيادة كرم، لوكالة فرانس برس، إنّ فتح أبواب هذا الجناح أمام الجمهور يعبّر عن أن: "الثقافة أقوى من كل شيء" (...) رغم الحرب والمعاناة". ورأت زيادة كرم أن هذا الجناح "مساحة توفّر للناس متنفسًا يتيح لهم تغيير مزاجهم" بفضل "هندسته الجميلة المعاصرة"، والمعرض الذي يحتضنه "وهو بمثابة ممر بين الواقع والخيال".
يهدف هذا المتحف، بحسب كرم، إلى إقامة معارض مؤقتة للفن الحديث والمعاصر وأخرى تعكس ثراء التراث اللبناني، وتشمل "كل أشكاله التي لا تتسع لها مساحة المتحف المحدودة"، كالنسيج وصناعة الحرير والفنون الزخرفية. ووصف البيان الجناح بأنه "مركز متطور يرسّخ الهوية الوطنية". وستخصَص هذه المساحة أيضًا "لأنشطة ثقافية واجتماعية مثل المؤتمرات والطاولات المستديرة وتوقيع الكتب" وغيرها "لدعم المتحف الوطني في بيروت ماليًا".
أوضحت زيادة كرم، خلال جولة للصحافيين في الجناح الجديد، أنه "ليس صالة عرض تجارية وليس متحفًا خاصًا"، بل سيركّز على "المعارض الجماعية والتعاون مع المؤسسات الثقافية".
أشارت كرم إلى أن الجناح الذي تكفّلت عائلة رجل الأعمال اللبناني الراحل نهاد السعيد بتمويله هو في الأساس مبادرة أطلقتها عام 2015 المؤسسة الوطنية للتراث، لتأمين مداخيل تساهم في تمويل نفقات المتحف، نظرًا إلى عدم توافُر الإمكانات الكافية لدى الدولة.
يحتضن جناح نهاد السعيد حتى نهاية يناير/ كانون الثاني المقبل معرضًا مؤقتًا من تنظيم متحف بيروت للفن عنوانه "بوابات وممرات سفر عبر الواقع والخيال"، يضم تجهيزًا للفنان اللبناني ألفرِد طرزي ومجموعة لوحات مرممة ومنحوتات لفنانين لبنانيين رواد من أمثال سلوى روضة شقير وشفيق عبود وميشال بصبوص من مجموعة وزارة الثقافة.
يعني هذا المكان كثيرًا لطرزي الذي كانت والدته عالمة الآثار تعمل في المتحف، وقال لوكالة فرانس برس إن هذا التجهيز، وهو عبارة عن أبواب خشبية قديمة ونحاسيات وتماثيل صغيرة وثريات برونزية متدلية، بمثابة تحية إلى تراث عائلته. وأضاف "أنا من عائلة حرفيين وتجار تحف على مدى أجيال أطرح من خلال هذا التجهيز أسئلة حول بقائها".
افتُتِح متحف بيروت الوطني في العام 1942 وهو المتحف الرئيسي للآثار في لبنان، وأُقفل خلال الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990، إذ كان يقع بين طرفي بيروت المنقسمة، وأعيد فتحه بعد الشروع في ترميمه عام 1995.