* أنور موسى كاتب وأستاذ جامعي
تذكّر قضية إبادة المغفّل الصهيوني الصحفيين والإعلاميين "ببائعة هوى" دخلت إلى ملهى ليلي أمام الجمهور، وبعدما فعلت فعلتها، خرجت لتستر عارها وجسدها، لكن نسمة هواء خفيفة فضحت المستور!
سيناريو استهداف الإعلاميين والصحفيين ووسائل الإعلام التي تغطي الأحداث في لبنان وغزة، تعدٌ هدفًا مقصودًا لجيش الخزي الصهيوني الذي يظن أن إسكات القلم أو الكاميرا أو الصوت كفيل بطمس إرهابه وجرائمه وإبادته الحجر والبشر والمياه والهواء والأطفال!
لقد تعامى المجرم الصهيوني عن الفضائح المدوية التي انتشرت مع صور قتله وفظائعه بحق الحياة والإنسانية؛ فتلك الانتهاكات الصارخة لم تعد بحاجة إلى صحافيين على الأرض، بفضل انتشار الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع والأقمار الاصطناعية وغيرها. وكان آخر محاور غبائه استهداف مسؤول العلاقات الإعلامية لحزب الله الشهيد المجاهد الحاج محمد عفيف في غارة غادرة على رأس النبع في العاصمة بيروت.
الحاج الشهيد محمد، والذي شغل مناصب إعلامية في غير وسيلة، المنار والنور، ظهر ناطقًا رسميًا باسم الحزب من ناحية تفنيد ادعاءات الصهاينة بوجود سلاح تحت بعض المشافي، فضلًا عن تنظيمه المميز لجولات للإعلاميبن في الضاحية، ومواجهة الحرب الإعلامية الغاشمة، وما تبثه السموم الإعلامية الصهيو-أميركية من أخبار قذرة تستهدف النازحين والمقاومين بصورة عامة.
اعتقد العدو أنه باستهداف الحاج محمد سيسكت صوت الجهاد، ولكنه لم يدرك حتى الآن أن الحاج محمد وأمثاله هم بحد ذاتهم رسالة إعلامية، سواء في الحياة أو الشهادة، ولا سيما أن الشهيد الحاج محمد كان يطلب الشهادة ويأملها كل لحظة، غير مكترث لتهديد أو وعيد، علمًا أن كل المؤشرات كانت تؤكد أنه هدف الموساد والاغتيال، وهو ما بدا من خلال التهديد المباشر أو الإعلامي والرسمي الصهيوني ومن يدور بفلكه.
في الواقع؛ أن تصفية المسؤول الإعلامي الحاج محمد جاء ضمن سلسلة اغتيالات طالت الصحافيين في غزة ولبنان في أن؛ ففي غزة كانت التصفية ممنهجة، حيث أعدت دوائر الإجرام الغبي الصهيوني خططًا مبرمجة للإعدامات الميدانية للصحفيبن، بضراوة وعنجهية، وأمام أعين العالم، نفذتها كلها أيادي الغدر بأعنف غارات وصورايخ ... فكان ضحيتها ما يربو على مئة وخمسين إعلاميًا، فضلًاعن بالتنكيل بعائلات كثر من الصحفيين، وتقطيع أولادهم وأمهاتهم وجيرانهم إربًا إربًا بأسلحة فتاكة أمريكية!
لقد ظنّت "إسرائيل" بعدما خلا لها الجو ومنعت النقل المباشر لجرائمها في غزة، وكممّت أفواه المراسلين بالنار، أنها انتصرت، لكن مع ذلك، ما تزال صور مجازرها تنتشر في العالم كالنار في الهشيم، وكذلك فضائحها وتدميرها وجرائم إبادتها الجماعية.
في لبنان؛ يبدو أنها تنتهج سيناريوهات مشابهة، فقد استهدفت غير مرة الطواقم الإعلامية، واستشهد عدد وافر من الإعلاميين، فضلاً عن الجرحى على الرغم من وجود علامات إعلامية دولية ومحلية! ومن المؤسف؛ أن التعامي الغربي والأمريكي هو المهيمن في هذا الشأن، فلا نسمع إلا إدانات هامسة، أو تضامنًا حقوقيًا ضعيفًا، أو صمت أهل الكهف، ما شجع ويشجع الانتهاكات الخطيرة هذه، ويدفع المجرم نتنياهو إلى تكتيكات أكثر فتكا بالإعلاميين.
في المقابل، يلجأ الصهيوني إلى سياسة التعمية الإعلامية، والتكتم الإعلامي على خسائره، والرقابة المشددة على نشر المحتوى الحربي محليا وعالميا، ولكن وقائع الميدان في غزة ولبنان تفضحه شر فضيحة، فخسائره هائلة، فهو يتألم ويكبت خيبيته، كي لا يمسي ألعوبة الهزء والسخرية العالمية. نعم إنه يتوجع، مصداقا لقوله تعالى: إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون... ويرجون من الله ما لا ترجون.
في المحصلة: إن سياسة الغباء الإعلامي الصهيوني تكشف مرة أخرى زيف ادعاءاته في التحضر والديمقراطية والرقي، وتفضخ وحشيته وبلطجيته غير المحدودة، وتصفه بمصاص الدماء الرقم واحد عالميًا، فكما أنه سيزول من الوجود، فإن خسارته الحرب الإعلامية بفعلته المشينة تلك، تؤكد إزالته فعلا من الوجود الإنساني والبشري والقيمي!