بدَت زينب، النازحة من الضاحية الجنوبية لبيروت، سعيدة بلقائها الممثلة ريتا حايك، إذ إنها تُقابل لأول مرة شخصا مشهورا، ومثلها أطفال آخرون حضرت الفنانة إلى مركز إيواء للنازحين لتنسيهم «واقعهم» بعدما هجروا بيوتهم في مناطق لبنانية طاولتها الحرب بين "إسرائيل" ولبنان.
حايك واحدة من فنانين لبنانيين ينشطون للمساهمة بطرق عدة في دعم مئات الآلاف الذين تهجّروا جرّاء سلسلة واسعة من الغارات بدأت "إسرائيل" شنّها على عدد كبير من المناطق اللبنانية منذ 23 أيلول/سبتمبر، فيما ينفّذ الجيش الإسرائيلي منذ الأول من تشرين الأول/أكتوبر الفائت عملية برية مركّزة في جنوب لبنان.
وتطوّع عدد من الفنانين، كريتا حايك، للمشاركة ميدانيا في مراكز إيواء هؤلاء النازحين في مختلف المناطق، وإضفاء لحظات من الفرح على أجواء تلك الأماكن المجبولة بالأسى، بالتنسيق مع جمعيات تؤمّن المستلزمات للعائلات النازحة.
على إيقاع صوت تحليق الطائرات المسيّرة المتواصل في أجواء بيروت ومناطق عدة، استقبل الأطفال ريتا حايك بالتصفيق في مركز اللعازارية في وسط العاصمة. وتزحلقت حايك مع الأولاد من أعمار مختلفة في باحة المركز حيث انتشرت ألعاب مطاطية ملونة تولت جمعية «سايف سايد» استقدامها.
أما الكوميدي اللبناني فريد حبيش المعروف على شبكة إنستغرام بـ»فَريكس تيوب»، فشدّد هو الآخر على أهمية ضخ المعنويات وتسلية النازحين الصغار. وتولت جمعيتا «الميمونة للتنمية» و»ماراتون بيروت» تنظيم مباراة كرة قدم في مدرسة «المستقبل» في أحد أزقة شارع البسطة البيروتي الضيقة.
توزع الاألاد على فريقين ارتدى أفرادهما ثيابا رياضية عليها أسماء نجوم عالميين وفّرتها لهم رئيسة «الميمونة للتنمية» رادا الصوّاف، وتولى حبيش إدارة المباراة بطريقة مرحة وتوزيع الميداليات وسط تشجيع الجدة «الحاجّة فاطمة» النازحة من بلدة عين قانا الجنوبية، ملوّحة بالعلم اللبناني وتحت عيون أمهات مهمومات «فالأولاد بلا مدارس والرجال بلا عمل».
هذا، وأطلق مركز بيروت للفن الذي يستضيف نشاطات ثقافية عدة مبادرة «فنانون في الملاجىء» بهدف إحاطة الأطفال النازحين «بقوة الفن العلاجية». وقال مدير المركز ابرهيم نعمة «بعد أسبوع، تسجّل 70 فنانا شابا ليشاركوا كمتطوعين في ورش العمل، ووزعنا نشاطنا على عشر مدارس» في مناطق عدة. ويقيم المركز حتى آخر السنة سبعين ورشة عمل فنية متعلقة بالرسم والتلوين والموسيقى. ومن لم ينزل إلى الأرض من الفنانين فضّل المساهمة بطرق أخرى، ومنها مساندة المنظمات التي تجمع التبرعات.
كما نشرت مجموعة من الفنانين اللبنانيين، من بينهم الممثلون مجدي مشموشي وفؤاد يمين وبرناديت حديب، شريط فيديو تعاطفا مع من هُجّروا من بيوتهم. أما الممثلة ماغي بو غصن فدعت الى التبرع لجمعيات تعمل ميدانيا. واختار الفنان المسرحي قاسم اسطنبولي طريقة مختلفة، إذ فتح أبواب صالة سينما «كوليزيه» العريقة التي يعمل على ترميمها، وقدّم فيها لبعض العائلات النازحة سقفا يؤويها.
كما قال مؤسس المسرح الوطني اللبناني الذي تتوزع فروعه في مناطق عدة «نحن في حرب، وأقل ما يمكن أن نفعله أن نفتح مسارحنا». وأضاف «صالاتنا تحولت بيوت ضيافة لعائلات لبنانية وفلسطينية وسورية وإفريقية، ينام أفرادها ويطبخون في المسرح ويشعرون بالأمان. نؤمّن لهم عيشا كريما داخل المسرح الذي أصبح بيتا لهم». ورأى أن ما يقوم به «جزء من المقاومة الثقافية». وقال «ندرّب الأطفال والشباب النازحين على المسرح، ما يخفف الضغط النــفسي عـــنهم ويبلسم جراحهم».