* زنوبيا الشام- جنيف كاتبة من اليمن
يبدو هذا العنوان مبهمًا بقدر ما هو واضح.. ينطبقُ تمامًا على حال المنطقة منذ مشهدِ اختطافِ سورية وحتى اليوم!! فهل تركيا هي الضامنُ الوحيدُ الذي ربحَ المكرَ السياسي بينَ "الدُّولِ الضامنة" فقلبَ الطاولةَ على شريكيه في الضمان "روسيا وإيران"؟!
يبدو أن الجوابَ حتى الآن هو نعم!
وهل تركيا أردوغان هي الضامنُ الوحيدُ الذي مهَّدَ لقواتِ برابرةِ العصر طريقًا يغتالُ الشامَ كُرمى لعيون "تل أبيب"؟!
يبدو الجواب حتى الآن هو نعم؟!
وهل تركيا هي الضامنُ الوحيدِ لبنكِ أهدافِها دونَ الأمريكي والغربي وصهيونيِّ تل أبيب حتى ومن دون أن تدفع كسواها ثمنًا لذلك؟!
يبدو حتى الآن أن الجوابَ أيضًا هو نعم؟!
وهل صهيونيُّ أردوغان هو الضامنُ الوحيد للإبقاءِ على صهيونيِّ الكيان في حالِ استمرار الحربِ التي تغرقُه بأوحالِها؟!
هذه تحتاجُ إلى شروحٍ وأدلةٍ وتبيانِ نتائج!!
سلاسلُ توريدِ السلاح منذ الثامن نوفمبر حتى الخامس عشر ديسمبر.. أي غايات؟!
لم تقتصر توريداتُ تركيا من السلاحِ للكيان على هذا التاريخ.. بل هي بدأت بالإسناد منذ الثامن من أكتوبر/تشرين العام الماضي 2023 ثاني أيام الطوفان مباشرة.. بوارجُ صهيونيّ أنقرة سارعت إلى نجدةِ صهيونيِّ تل أبيب قبل حتى أن تتحرك بوارجُ الأمريكي.. جرى تدقيق ذلك وتوثيقُه وفضح استمرارِه في مقالاتٍ عدة موثقة بصور من مواقع الملاحة العالمية .. ولكن شهرا نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول اللذان شهدا أعلى وتيرةِ إسنادٍ من أنقرة إلى تل أبيب يدوران في فلكِ غاياتٍ كبرى باتت أكثر وضوحًا بعد أن سُبيت دمشقُ الحرّة وأُطيحَ بعصرِ السيادةِ فيها في مخطط صهيوأمريكي-تركي!..
بعيدًا عن قراءة مشهدِ الشام كيف وقع ولماذا وهل انتهى أم لا؟.. المشهدَ الجدير التركيز عليه اليوم هو أدروغان بالذات.. أردوغان حتى قبل بايدن البائد ودونالد ترامب القادم.. وقبل نتنياهو الفريسة الكُبرى؟!
فريسةٌ لمن؟!. كثيرون يريدون رأسَ هذا الشيطان اليوم.. لكن لا أحد يريدُ الإطاحةَ به بقدر ما يخطط أردوغان لذلك.. بل إنَّ الفريسةَ وقعت في فخِّ صهيونيِّ أنقرة بجدارة!
شهر نوفمبر/تشرين الثاني كان الأقسى على الكيان على الإطلاق طوال "طوفان الأقصى".. وعلى الرغم من أنَّ هذا الشهر قد تلا استشهاد سماحة السيد حسن نصر الله الشهيد الأعظم في الأمة.. إلا أن حزبَ الله الذي يفترضُ به أن يتهالكَ على جثمان السيد ويرفعَ راية الاستسلام قد أذاقَ الكيانَ أصعب أيام حياتِه على الإطلاق منذ نشوئه عموما ومنذ بداية الطوفان خصوصًا!
لم يبخل كاهن ُ معبدِ أنقرة بكل أنواعِ الإمداد على نتنياهو طوال هذه المرحلة، وتشيرُ التقارير الملاحية إلى أن 35 سفينة كانت تطوي المياه في طريقها من وإلى الكيان خلال هذا التاريخ مزودة بكل أنواع الإمداد..!
- دراسة التجارة البحرية المشتركة بين تركيا والكيان الصهيوني من مساء الجمعة 8 نوفمبر/تشرين الثاني 1403 إلى فجر الجمعة 15 ديسمبر تشير إلى تبادل ما لا يقل عن 35 سفينة بين الطرفين. (عدد غير محدد من السفن التي تعمل بنظام مغلق أو بوثائق صورية في مسار التجارة بين تركيا والكيان الصهيوني خرجت عن نطاق الرصد).
- بعض الشركات التركية لم تقتصر على استخدام موانئ صورية (إنرجين باور ونوفوروسيسك) في روسيا نقطة انطلاق للتبادلات البحرية مع الكيان الصهيوني، بل استخدمت أيضًا المياه المحيطة في جزيرة قبرص والمسار المائي لموانئ مرسين وإسكندرون للتنقل إلى المياه الخاضعة لسيطرة الكيان الصهيوني.
- تشير الدراسات الفنية إلى أن حصة ميناء إسطنبول في التجارة البحرية المشتركة بين تركيا والكيان الصهيوني خلال المدة المذكورة كانت لا تقل عن 13 سفينة، وميناء مرسين 8 سفن، وإسكندرون 6 سفن، ونمروت سفينتين.
لماذا؟!
سفن إمداد.. دواء لا لعلاجِ المصابين؛ بل لتقوية مناعةِ الكيان.. وارتداداتُ الجرعاتِ الكيمياوية!
تمهُّلُ نتنياهو بعد اغتيالِ سماحةِ السيِّد كان يوحي بأنَّ الكيان يفكِّرُ بالتوقف عند هذا الإنجاز الكبير الذي طعن قلب المحور كلِّه… وكان يمكن لهذا التوقف لو حدث أن يكون “عين العقل” بالنسبة إلى الكيان.. وكان سيمكِّن نتنياهو حقيقةً من تقديمِ مشهدِ انتصار! ولكنَّ الذي يتركهم في طغيانِهم يعمهون ويضرب الظالمين بالظالمين جعل شيطان معبد أنقرة يوسوس لكهنة تل أبيب وواشنطن بانَّ هذه الفرصة لا يمكن تفويتُها للقضاء على الحزب!
يعرفُ العدوّ قبل الصديق أن العدوَّ تلقى ضرباتٍ لم تكن في أسوأ كوابيسِه من مقاتلي حزب الله الذين كانوا تواقين لاستمرار الحرب أكثر من أيِّ وقت مضى.. ثأرا لدماءِ سيِّدهم! ومع الاعترافِ بأنَّنا لم نحقِّق نصرًا بائنا ولم نُهزم هزيمةً بائنة لكنَّ العدوَّ تلقى ضرباتٍ موجعةً بائنة لم يعتد عليها في تاريخ غطرستِه وغطرسة حلفِه.. يدركُ شيطانُ أنقرة هذه الواحدة المهمة ويقرأها بدهاءٍ كبير..
لذلك؛ إمداد الكيان بكل ما يحتاج لجعلِ مناعته تستطيعُ الاستمرار من شأنه أن يعطي الجسدَ المنهك من حربٍ طويلة تستهدفُ استئصالَه من المنطقة القدرةَ على التماسك في الحرب مدةً أطول.. ولكنَّ جرعاتِ الإمداد لجسدٍ استشرى فيه المرض من شأنها أن تجعلَه عما قليل يسلِّمُ الرايةَ لسواه!
إليكم بعضُ المعلومات عن السفن العابرة من وإلى جسدِ الكيان المريض:
- السفينة التجارية لنقل الحاويات “ساروله 1” (SARWELLE 1): تعمل بموجب عقد مع شركة تركية، وكانت صباح يوم الأحد 10 نوفمبر/تشرين الثاني تحمل المعرف الدولي (IMO 9963073 MMSI 341494001)، وفي الموقع الجغرافي (34.9532 و32.9669) داخل حدود ميناء حيفا التابع للكيان الصهيوني، متجهة من ميناء إسطنبول إلى حيفا. حتى الآن، زارت السفينة ميناء حيفا مرتين ورست مرة واحدة في رصيف “سي”.
- السفينة التجارية لنقل الحاويات “آزوف كونسبت” (AZOV CONCEPT): تعمل بموجب عقد مع شركات تركية، وكانت صباح يوم الأحد 10 نوفمبر تحمل المعرف الدولي (IMO 9345726 MMSI 538009466)، وفي الموقع الجغرافي (34.9532 و32.9669) متجهة من ميناء إسطنبول في تركيا إلى ميناء حيفا التابع للكيان الصهيوني. خلال العام الماضي، زارت السفينة ميناء حيفا خمس مرات وميناء كاراسو في تركيا مرتين.
- صباح يوم الأحد 10 نوفمبر/تشرين الثاني كانت السفينة الحاملة للمعرف الدولي (IMO 9302449 MMSI 636024014) في الرصيف الشمالي لميناء أشدود التابع للكيان الصهيوني، متجهة من ميناء مرسين في تركيا إلى ميناء أشدود.
نوفمبر وديسمبر القاسي.. والثأر من الأسد!
قبيلَ أيامٍ من رضوخ نتنياهو إلى وقف إطلاق النار مع لبنان كانت المقاومة اللبنانية تُغرق سفنَ إمداد الكيان ومعها كل الكيان في الهزائم المدوية في الجنوب.. وتمطر الكيان بأنواع الهجوماتِ الصاروخية والتكنولوجية وغيرها.. ويبدو أن يدَ الرئيس الأسد كانت ضالعةً في إذلال العدو حينَها حتى تعهَّد نتنياهو الأسدَ بالثأر!
مشهدٌ صاخبٌ كانت تشهده المنطقة جميعا دون أردوغان الذي تصدَّر مشهدَ البرود العثمانيِّ القذر متلاعبًا بوجودة ضمن ساحات لعب سياسية كبرى في المنطقة من الدعوة إلى التصالح مع الأسد إلى زواريب ضامني أستانا وصولا إلى تمثيل دورِ خليفةِ المسلمين المدافع عن غزة كلامًا وقاتل أهلها بسلاحِه والكهنةِ دونَه في تل
أبيب فعليًا!
مشهدٌ كان ترامب فيه حتى الآن، وقد أوشكت ستّينُ استثماره أن تنتهي يترقَّبً نتائجَ الحصاد.. وكان نتنياهو فيه يستعدُّ للإطباقِ على غزة واليمن بعد تعليقِ مشنقةِ سوية على يدِ لواء “الجولاني” الذي سرعان ما أفصحَ عن وجه الحملِ الوديعِ مع أسياده في الكيان! ولكنَّ المراقبَ الهادئ لجنونِ الجغرافيا والسياسة اليوم عليه أن ينتبه جيدًا إلى أنَّ صاحبَ الحصادِ هو أردوغان أكثر من الجميع..!
صحيحٌ أن تركيا احتلت سورية جغرافيا في بعضها وسياسيًا في كُلِّها.. ولكنَّها لم تتكلَّفُ بعدُ عناءَ الاحتلال حتى فقد نفَّذت قواتُ رعاع المتأسلمين تحت لواء المدعو الجولاني المهمة المطلوبة وسلَّمت عروسَ الشرقِ للغاصبِ الشيطان أردوغان! ومن جهة ثانية توغل الكيانُ في جنوب سورية وصارت دباباته توشك أن تسرح وتمرح في ساحة الأمويين تحت راية “ثورة الحرية” الذليلة!
في مشهد ثالث تجوب الأرتال الأمريكية شمال شرقي سورية كما يحلو لها! لكن الكيانَ والأمريكي لم يسلما ولا يبدو أنهما سيسلمان من المقاومة التي بدأت جذوتها تظهر في سورية العروبة من جهة.. ولا يمكن لكلا الجيشين “الصهيوني والأمريكي” أن يكونا بالعافية والقدرة التي تمكّنهما من الاستمرار على نجو يحقق لهما المكاسب وفقَ المشتهى لهما!
الثأر من سورية الأسد يتربَّعُ التركي على عرشِه من دون أثمان.. ويستمرُّ بإمداد الكيان بأدواتِ الحرب ليستمر في الغرق في بحر التوسِّع الاحتلالي في المنطقة.. لكنَّ الكاهنَ المحارب سيوشكُ أن يتهالك.. وسيتسلَّمُ الراية .. الشيطانُ أردوغان..
صهيونيُّ أنقرة!
إمداد أردوغان.. “نعم لقتل أطفال غزة وسبيِ الشام وهدمِ الأقصى” ثم “كش ملك”:
الأهدافُ البعيدةُ لمشروع أردوغان الذي ستتكشف الوثائق عن نسبِه الصهيوني عما قريب تقول بأن قتل أطفال غزة وحرقهم في الخيام وتوجيه برابرةِ الجولاني لذبحِ العلويين والمسيحيين في سورية للقضاء على وجه الاعتدال والتنوع فيها وتخليصها من تاريخِ مجدها من زنوبيا إلى خولة بنت الأزور إلى كل قيمةٍ وطنية أو إنسانية أو حضارية في مناهجها وتجريدها من دولة المؤسسات والخبرات لصالح نظام القطيع كما يفعل الجولاني وزبانيته أي باختصار سبيُ الشام بعد ذبح غزة ثم هدم الأقصى الذي قد يكون آخر مهامِ القائد الصهيوني المتهالك نتنياهو.. الأهداف البعيدة تقول بأن كلَّ هذه الجرائم.. هي ليست الهدف المباشر لصهيونيِّ أنقرة… ففي مكانٍ ما ومرحلةٍ ما وقع المنافسُ الكبير لأردوغان وهو نتنياهو في فخِّ استنزافِه حتى الهلاك في الحرب.. وعما قريب..
قد يكون من مصلحة ترامب نفسه أن يطيح بالكاهن العجوز الذي ترهَّلت طاقاته عقب الجراحات والجرعات الكيمياوية على غرارا ما ترهلت طاقة الكيان عقب الإمدادات وجرعاتِ التخدير التركي.. ليتمَّ الإعلان عن “إسرائيل ثانية” أو الجزء الثاني من خارطة “إسرائيل الكبرى” وسيتصدر أردوغان مشهد “كش ملك” لنتنياهو.. وربما هناك ما يضمنه حيال الأمريكي ليتمتع بهذا البرود وهو يقود حربه مع تهديدات قسد المدعومة أمريكيًا.. حتى يصل إلى المشهد المطلوب!
أمام جنون ما شهدته منطقتنا حتى الآن.. لا ينبغي أن يستغرب القارئ العزيز وغير العزيز من قدوم هذه المشاهد.. وقد يحلو لبعض الدينيين أن يسموا أردوغان “بأعور الدجال أو المسيح الدجال”.. فليكن!!!
ولكن….
هل انتهى المشهد في الشرق أم ليس بعد؟!. هذا ما ستبديه الأيام والليالي والميدان!