اوراق مختارة

الإصرار على العودة 

post-img

لينا دوغان ـ لبنان الكبير

من حق أهل الجنوب وخصوصًا أهالي القرى الحدودية العودة إلى أرضهم، من حقهم الذهاب لرؤية ما فعله العدوّ من استباحة للبيوت والحقول والتربة، من حقهم البحث والتعرف على من فُقدوا واستشهدوا، من حقهم تقبيل الأرض وشم تربتها والجلوس على رصيف حجارتها، وهذا الحق لا يختلف عليه اثنان، وإن كانت خطوةً تُحسب للأهالي وليس لـ “حزب الله” الذي له جزءٌ من هذا الحق وليس كله، كونه يتبارى مع "الإسرائيلي" في عدم تنفيذ مندرجات الهدنة وبنودها. العدوّ دمر القرى الحدودية وسحلها وجعلها أرضًا محروقة، أما الحزب الذي وافق على هدنة الستين يومًا، فلم يعطِ إشارة لأحد عن نيته الانسحاب وسحب أسلحته من جنوب الليطاني وتسليم المناطق إلى الجيش اللبناني و”اليونيفيل” كما ينص الاتفاق.

توجه الأهالي بتاريخ انتهاء الستين يومًا بصورة عفوية لم تخلُ من الانتماء، لتأكيد أن المقاومة ليست بالسلاح فقط إنما قناعة، في مقلب آخر كان “حزب الله” وعلى لسان مسؤوليه قد جدّد تحذيره من عدم انسحاب الجيش "الإسرائيلي" من القرى التي لا يزال يحتلها عند انتهاء مهلة الستين يومًا، ملوحًا بالدخول في مرحلة جديدة من المواجهة، في وقت تستمر فيه الخروق الإسرائيلية في الجنوب، إن بتفجير القرى وحرقها أو بعمليات خطف مزارعين، لتحصل المواجهة يوم 26 كانون الثاني بين الأهالي والجيش من جهة والعدو "الإسرائيلي" من جهة أخرى، ولم نرَ شيئًا من نوع المواجهة التي تحدث عنها الحزب، إذ إن الأمور أرادها أم لم يردها، أصبحت خاضعة دائمًا للتفاوض، وهو ما تم التوصل إليه في نهاية النهار، تمديد الهدنة حتّى 18 شباط المقبل.

للتذكير فان مكتب رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو كان قال إن الانسحاب "الإسرائيلي" من جنوب لبنان سيتأخر إلى ما بعد انقضاء المهلة المحدّدة بموجب الهدنة أي 60 يومًا، متهمًا السلطات اللبنانية بعدم تنفيذ الاتفاق بصورة كاملة، ومحمّلًا لبنان المسؤولية عن عدم احترام التزاماته لذا فإن عملية الانسحاب ستتواصل بالتنسيق مع الولايات المتحدة وهذا ما حصل، إذ كان من المفروض أن ينتشر الجيش اللبناني وينسحب “حزب الله” إلى ما وراء نهر الليطاني.

في المحصلة، لم يلتزم أي طرف بالتنفيذ الحرفي لما اتُفق عليه، ف"الإسرائيلي" لا زال موجودًا بخروقه البرية والجوية في التفجير والتدمير، و”حزب الله” لم ينسحب من جنوب الليطاني، والموضوع أصبح على القول المصري الشهير: “سيب وانا سيب”.

الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم هدّد منذ أسبوع بالرد على الخروق الإسرائيلية، واعتبر اليوم أن الحزب وعلى الرغم من الخروق فضّل الصبر بدلًا من الردود الكبيرة. قاسم الذي لم يرَ مبررًا لتمديد الهدنة، أكد أن ما جرى في لبنان كان بدعم عالمي أميركي غربي، وهذا كلام يؤكد أن الجميع في البلد يعرف كلّ ما جرى من مرحلة المساندة إلى مرحلة الاتفاق الذي كانت معلومة نهايته التي وافق عليها الجميع، لذا ما يقوم به الحزب في شوارع لبنان كلها من دون استثناء والتلطي وراء مسيرات مؤيدة، لم يعد ينفع، لأنه مع الوقت ستكون الكلمة للدولة، والدليل ما شهدناه من إنجاز في الجنوب هو أساسًا من فعل الشعب بمساندة الجيش، الذي حمى بوقفته الشامخة الفتنة التي تنقلت في مناطق الجميزة وعين الرمانة وفرن الشباك وبرج حمود، والتي عادت لتخيف الناس بدل أن تشكرهم على ما فعلوه خلال الحرب.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد