أوراق اجتماعية

5.35 ملايين متر مكعب من الركام في مدن وقرى الجنوب | كارتيل المقاولين: الأسعار «مش على ذوقنا»

post-img

جريدة الأخبار 

لن تتحرك قريباً جرافات وشاحنات المتعهدين في مدن وقرى الجنوب. نحو 5 ملايين و350 ألف متر مكعب من الركام، ستبقى جاثمة على الأرض بانتظار رضى كارتيل المقاولين على الأسعار. فالمناقصات الخمس التي أطلقها مجلس الجنوب لتلزيم إزالة الركام لم يتقدّم إليها أي من المقاولين المؤهّلين الذين «لفّوا» على بعضهم البعض مثل أي كارتيل، وقرّروا أن السعر المطروح لا يناسبهم. وعلى إثر فضّ العروض في 13 كانون الثاني الجاري، أبلغ رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بأن «لا نتائج إيجابية عن المناقصات».

وفي الكتاب الموجّه من حيدر إلى ميقاتي، يقول إن سبب فشل التلزيم يعود إلى «عدم قدرة العارضين على استيفاء الشروط الموجودة في دفتر الشروط، لا سيّما امتلاك المعدّات المطلوبة». وأشار إلى أن «العدد القليل للمتعهدين المتقدمين للمناقصة، وإحجام المقاولين المعروفين عن الاشتراك في المناقصة»، معيداً السبب إلى «تذرّعهم بانخفاض السعر الأعلى المعروض مقابل إزالة كلّ متر مكعب من الركام». وذلك يأتي رغم أنّ الأسعار ذاتها التي يرفضها متعهدو الجنوب، استقطبت 16 عارضاً في مناقصة تلزيم رفع الركام في الضاحية الجنوبية وأسفرت عن تلزيم شركة «البنيان» بسعر 3.65 دولارات مقابل رفع كل متر مكعب من الردم، أي أقلّ من سقف السعر الذي حدّده الاستشاري بنحو 5 دولارات للمتر المكعب الواحد.

وفي تعليق على مجريات المناقصات الخمس، والتي كان من المفترض عبرها تلزيم 5 متعهدين على الأكثر لإزالة الركام من قرى أقضية صيدا وحاصبيا والبقاع الغربي، وقرى قضاء بنت جبيل، وقرى قضاء مرجعيون، وقرى قضاء صور، فضلاً عن مناقصة خاصة بإزالة الركام من مدينتي صور والنبطية. قال حيدر لـ«الأخبار» إن «المتعهدين الخمسة الذين تقدموا للمناقصة، لم يطابقوا المواصفات الإدارية المطلوبة في دفاتر الشروط». لذا «لم نفتح الأسعار». وللبقاء على الجهة الآمنة، «لم نلغِ المناقصة ريثما نجد حلولاً أخرى»، يقول حيدر.

ورغم أن دفتر الشروط يمنح المتعهد الفائز حقّ بيع الناتج من الردم من معادن مثل الحديد والألمنيوم والنحاس والخشب، إلا أنّهم اعتبروا أنّ تسعيرة الحكومة التي تحدّد 3.65 دولارات عن رفع كلّ متر مكعب من الركام في القرى، و5.01 دولارات في المدن، «لا توفّي»، وفقاً لما ينقله حيدر عن المتعهدين. وهؤلاء يشكون من كلّ ظروف العمل المرافقة لعملية رفع الركام في القرى الجنوبية. بالنسبة إليهم إن «المسافات التي ستقطعها آلياتهم لنقل الركام من القرى إلى المكبات طويلة، وفي بعض الأحيان تصل هذه المسافة إلى 30 كيلومتراً»، كما إنهم يدّعون أن الأعمال المطلوبة كبيرة جداً، بمعنى آخر رفع الركام لا ينتهي بإزالة الردم من نقله من نقطة إلى أخرى، بل عليهم معالجته وفرزه، إذ لا يجب أن يتجاوز حجم القطعة الواحدة من الباطون بعد تكسيرها الثلاثين سنتمتراً بالطول والعرض، بحسب دفتر الشروط. ومن وجهة نظر متعهدي الجنوب «لا يجب أن تقلّ الكلفة عن 6.6 دولارات لكل متر مكعب» بحسب ممثل مقاولي الجنوب في نقابة المقاولين شريف وهبة، علماً بأن هذا السعر لا يشمل ربح المتعهد والضرائب. ويُذكر هنا أنّ السعر الحكومي الأعلى لرفع الركام هو 5.01 دولارات مقابل رفع كل متر مكعب من الردم في المدن.

كما يعتبر كبار مقاولي الجنوب أنّ «المواصفات الواردة في دفاتر شروط المناقصات عالية، إنّما بأسعار متهاودة»، وفقاً لما يقوله وهبة. ولا يعتقد وهبة أنه يجب «تعميم سعر البنيان في تلزيم إزالة ركام في الضاحية الجنوبية، على سائر المناطق»، ففي الضاحية «كمية الحديد أكبر في الأبنية الكبيرة مقارنة مع البيوت العادية الصغيرة في الجنوب، فضلاً عن مطالبة أصحاب البيوت في القرى بالحديد الموجود في ممتلكاتهم، وهذا إن بقي شيء من الحديد». كما لفت إلى «المسافات الشاسعة التي تقطعها الشاحنات بين المناطق الجنوبية لنقل الردم من مكان العمل إلى المكب، فالنقل أكثر كلفة في الجنوب». وبالمقارنة مع الضاحية «لا يبعد المكب عن منطقة العمل أكثر من كيلومترين اثنين، فيما تبعد المكبّات عن القرى مسافات تصل إلى 20 كيلومتراً في بعض الأحيان» بحسب وهبة. لذا «كلفة النقل أعلى من كلفة رفع الركام». عملياً، يقول إن الربح هو في الناتج من الردم وأنه لا يتناسب مع طبيعة أرباح المقاولين بشكل عام المرتفعة.

وكان حيدر قد اقترح في كتابه إلى مجلس الوزراء خطّة من جزئين لإزالة الركام من مناطق الجنوب. في الجزء الأول منها، يتم تكليف البلديات الجنوبية بأعمال رفع الردم من دون المرور بإجراءات المناقصة، على أن يكون التكليف اختيارياً لا إلزامياً. ما يعني أنّ البلدية لديها حق الموافقة أو الرفض على قيامها بأعمال رفع الركام من نطاقها البلدي. واقترح حيدر أن يسدّد مجلس الجنوب للبلديات المستعدة للقيام بأعمال رفع الركام مبالغ أقل من السقف المحدّد لرفع كلّ متر مكعب من الركام، يبلغ 3 دولارات في القرى بدلاً من 3.65 دولارات، و4.5 دولارات في مدينتي صور والنبطية بدلاً من 5.01 دولارات. وهذا يتطلب أن يتم تقدير كمية الردم في كل بلدة بالتعاون مع الاستشاري خطيب وعلمي، وإلزام البلديات المتعاونة بدفاتر الشروط الفنية والبيئية، على أن تتم الأشغال تحت إشراف مجلس الجنوب. وفي الجزء الثاني يقترح إعادة طرح المناقصة العمومية من جديد للوصول إلى تلزيم متعهدين لرفع الردم من القرى والمدن الجنوبية التي لم تتمكن، أو ترفض البلديات إزالة الركام منها.

الشروط الفنية لقبول المتعهد

ألزمت المادة 25 دفتر شروط المناقصة بأن يملك المتعهد 9 أنواع من المعدات والتجهيزات الثقيلة، ويصل مجموعها إلى 20، ما يحصر المنافسة في كبار المتعهدين فقط. فعلى سبيل المثال، من شروط التقدّم إلى المناقصة أن يملك المتعهد حفارة جنزير، أو ما يعرف بـ«البوكلين»، عدد 2، وحفارة جنزير لتكسير الحجارة، أي «جاك هامر»، عدد 2، بالإضافة إلى 5 شاحنات نقل، وصهريج مياه بسعة 12 ألف ليتر، بالإضافة إلى عدد آخر من الجرافات والرافعات والسقالات المعدنية.

ركام الجنوب VS ركام الضاحية

تزيد كمية الركام في مناطق عمل مجلس الجنوب بـ3.5 أضعاف عن مثيلاتها في الضاحية الجنوبية، إذ تبلغ 1.52 مليون متر مكعب (بالإضافة إلى تقدير لنحو 200 ألف متر مكعب من الردم الذي سينتج من تهديم الأبنية غير الصالحة للسكن. في المقابل، قدّر مجلس الجنوب كمية الركام في محافظتي النبطية ولبنان الجنوبي بـ5.35 ملايين متر مكعب من الركام. ويصل حجم الركام في قضاء مرجعيون لوحده إلى 1.8 مليون متر مكعب، وهو القضاء الأكثر عرضةً للدمار مثل الخيام وكفركلا والعديسة وبليدا. في حين يساوي حجم الركام في قرى قضاء مرجعيون 1.5 مليون متر مكعب، أي مثيله في الضاحية الجنوبية.

19.8 مليون دولار

هي الكلفة التقديرية لرفع الركام من محافظتي النبطية ولبنان الجنوبي بحسب تقديرات مجلس الجنوب

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد