أوراق اجتماعية

مكبّ ردميات مخالف للقانون في حارة حريك

post-img

جريدة الأخبار 

في حارة حريك، تحت جسر الصفير، تحوّلت بورة نفايات إلى مكبّ مؤقت للردميات، تفرغ فيه آليات بلدية الحارة الردميات ويعبث النكّاشون فيها لسحب الحديد، قبل نقلها إلى الموقع النهائي. صاحبة دكان مجاور تشير إلى أن «البورة توسعت بعدما سقط البناء الملاصق لها»، وتمسح الغبار الأبيض عن الطاولة بكفها قائلة: «كلّو مرض بمرض». إذ إن المكب المؤقت يقع في قلب منطقة سكنية، ويغطّي غباره المنازل والمحال ومدرسة مجاورة، شكا أكثر من تلميذ فيها أخيراً من صعوبة التنفس.

رئيس بلدية حارة حريك، زياد واكد، قال لـ«الأخبار» إنّ «ما من مكان آخر قريب غير هذه البورة يستوعب كميات كبيرة من الردم. أما المواقع البعيدة مثل مطمر الكوستا برافا، فتتطلب كلفة نقل عالية غير متوفرة». ورغم تلزيم رفع الأنقاض في الضاحية ونقلها إلى الكوستا برافا، يشير واكد إلى أنّ «المكبّ سيستمر في مكانه حوالي شهرين». فيما ترفض الباحثة في علم الكيمياء والتلوث النائبة نجاة صليبا «حجة» البلدية عن نفاد الخيارات لأن «البلدية مسؤولة عن البحث عن مكب آخر لا يقع ضمن مربع سكني، وإذا كان لا بد من وجوده بين الناس، يجب أن تضمن وزارتا الداخلية والبلديات والبيئة التزام البلديات بالمعايير البيئية والصحية بالسيطرة على الغبار والانبعاثات عبر استخدام رشاشات مياه وأنظمة تحكّم في الغبار أثناء نقل الردم، وهو أمر سهل وغير مكلف». وتحذّر صليبا من «خطورة كبيرة من تحريك الردميات ونشر غبارها، وخصوصاً أنّنا لا نعرف ماذا تحتوي من جزيئات ناتجة من الأسيد والبطاريات والذخائر وغيرها. وكلما كانت كميتها كبيرة سيظهر التأثير خلال وقت أقصر».

في التعميم الرقم 6/1 الصادر في 5 كانون الأول الماضي حول الإرشادات البيئية لإدارة ردميات الحرب، ويوصي وزير البيئة ناصر ياسين بتوجيه جميع الردميات إلى مواقع متدهورة بيئياً، وتحديداً المقالع على اختلاف أنواعها، والأقرب جغرافياً، مرفقاً بجدول يحدد المواقع المحتملة. كما أصدر ياسين تعميماً ثانياً في 3 كانون الثاني الماضي يتناول الضمانات البيئية لنقل الردميات وفرزها ومعالجتها والتخلص النهائي منها، لحماية البيئة والسلامة العامة وتشجيع إعادة التدوير، مذكّراً بضرورة اختيار المواقع المحددة في التعميم السابق.

وبما أنّ المكبّ في حارة حريك غير مدرج في جدول المواقع التي حددها التعميم، «يُعدّ اعتماده ولو بشكل مؤقت مخالفة يجب إيقافها فوراً. فأحد أهم معايير إنشاء مكبات الردميات أن تكون بعيدة عن السكن»، كما يوضح مستشار وزير البيئة حسن دهيني، علماً أن التدقيق في المواقع المحتملة لاستيعاب الردم، وتحديداً في محافظة جبل لبنان، يظهر أن جميعها تقع في عاليه، المتن، الشوف، وكسروان، ولا يوجد أي موقع قريب من الضاحية الجنوبية. في هذه الحالة، وبحسب التعميم الأول، «تُحوّل الردميات إلى أملاك عامة تخصص كمواقع تجميع مؤقتة، مع ضرورة إبلاغ وزارة البيئة بالمواقع المعتمدة والتقيد بالضمانات البيئية والمبادئ التوجيهية المنصوص عليها في القوانين والأنظمة المرعية ولا سيما القانون 444/2002 والمرسوم 8633/2012 حول أصول تقييم الأثر البيئي». طبعاً، هذا لا ينطبق على مكبّ الحارة، إذ جرى اختياره عشوائياً ومن دون الانتباه إلى طريقة التعامل مع الردم. ولأن الضاحية حالة خاصة، حيث لا كسارات ولا مقالع مجاورة، «ارتأينا نقل الردم مباشرة إلى مطمر الكوستا برافا، من دون أن نحدّد مواقع تجميع مؤقتة، ولو أنه حلّ مكلف»، بحسب دهيني.

صحيح أنه حصلت فوضى في إدارة الردميات بعد وقف إطلاق النار، ولم تنتظر البلديات قراراً رسمياً برفع الأتقاض فباشرت تجميع الردم لتسهيل حركة السكان، وأنشأت مكبات مؤقتة لعدم القدرة على نقل كلّ حمولة الردميات إلى مطمر الكوستا برافا. لكن، اليوم «لا حجة لاستمرار هذا المكبّ أو غيره لأن واجب الشركة الملتزمة رفع الأنقاض الالتزام بالمعايير البيئية وتحمّل تكاليف النقل مباشرة إلى الموقع النهائي»، برأي دهيني.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد