اوراق خاصة

أوركسترا "شمس الحرية" والشاعر العاملي أنور نجم... في مرثية تاريخية لسيد التاريخ

post-img

أن تكتب عن سماحة العشق الشهيد الأقدس؛ لهو أمر من أصعب ما يكون؛ مهما كان الشاعر كبيرًا وفذًا ومبدعًا؛ وأن تلحن تلك الكلمات لتنغرس في وجدان العاشقين هي مهمة أصعب.. فأي رحلة خاضتها أوركسترا "شمس الحرية" مع الشاعر العاملي أنور نجم في تقديم أيقونة الوقاء لصاحب الصدق والوفاء؟

أجرى الحوار: موقع "أوراق"/ د. زينب الطحان

"عد لتجد عند انشطارات الهوى لك صورة هي أحلى من كلّ الصّور

أشتاقكم ضاقت مسافاتي على وطن المنافي والقيود

وأعيش بينكم امتدادًا ليس تحبسني اللّحود

وأحبّكم، وزرعت نبضي مورقًا برؤى الصّباح

عند الصّلاة مكبّرًا عند ابتسامات الجراح"

باجوق: الأوركسترا هي لتجسيد القضايا الكبرى.. ومن أكبر من الشهيد الأقدس؟

هذه كلمات الشاعر الكبير أنور نجم في مرثية مهداة إلى روح الشهيد الأقدس سماحة العشق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعنوان "الحبّ الأسمى" أو "أحبّكم"؛.. ستقدمها أوركسترا "شمس الحرّيّة" أوبريت في حفل موسيقى خاص بعد تشييع الشهيد الأقدس ورفيق دربه السيد هاشم صفي الدين الأمين العام الرابع.. يعبر المايسترو علي باجوق عن افتخار "شمس الحرّيّة" في أن تقدّم عملًا لسماحة الأمين العام، سيّد شهداء الأمّة ، وأن ما سيقدم هو القليل القليل إزاء عطاء كبير كبير ..على الرغم من صدمتنا المروعة بهذا الفقد؛فقد بدأت فكرة هذا العمل بعد وقت قصير من استشهاد سماحته؛ خصوصًا أنه هو من اطلق اسم شمس الحرية على فرقتنا منذ تأسيسها في العام 2003".

لقد قدمت أوركسترا "شمس الحرية" العديد من الأعمال الكبيرة  أبرزها "رجال الله" في العام 2006، وسيمفونيّة التّحرير "الضوء المشذّى"، وأوبريت "نحن قاسم" للشّهيد قاسم سليماني، وأوبريت السّيّد موسى الصّدر والإمام الخميني والكثير من الأعمال الأخرى؛ فالأوركسترا يفترض بها تجسيد القضايا الكبرى.. وأي قضية أكبر وأسمى من استشهاد هذا القائد الأممي.. 

المشاركون في العمل

خليّة العمل انطلقت مع الشّاعر والملحّن والموزّع وإدارة الأوركسترا الّتي تضم مدير الكورس والإنشاد الأستاذ "محمّد محيدلي" وهو الــــ"solo" الدائم مع أوركسترا "شمس الحريّة" وهو أستاذ الكورس، و"أحمد قنديل". وهو أمين المكتبة الموسيقيّة الّذي يُعنى بشأن التنويط والكتابة والتوثيق الموسيقي؛ بالإضافة أنّ الإداريّين مثل "محسن قنديل" المساعد وبعض الإستشاريين الّذين كان لا بدّ لنا الأخذ برأيهم واستشاراتهم في الوسط الفنّي، وأبرزهم الأستاذ الدّكتور أحمد همداني مدير مركز "أطوار" للموسيقى وكذلك المنشد والمؤلّف الموسيقي الأستاذ "مهدي كلّاس".. وكذلك "نبيل عسّاف". ولأنّ العمل يحمل اسم "إنّي أحبّكم" فكان من الطّبيعي التواصل مع الإخوان للاستئناس برأيهم ومشاركتهم على حبّ السّيّد.

مراحل العمل ومعوقاته

يواجه هذا العمل الاستثنائي بعض المعوقات؛ ولكنها تهون في حبّ السيّد الشّهيد، يقول باجوق- "تواصلتُ مع شاعر المقاومة، الشّاعر العاملي الكبير الأستاذ أنور نجم، والّذي كتب نشيد حزب الله ومرثيّة الإمام الخميني والسّيّد عبّاس.، فأتي لي بقصيدة "إنّي أحبّكم"،  العمل الأصعب حاليا على آلية التنفيذ الفني في اللحن والتوزيع الموسيقي؛ فهذا عمل أكاديمي محترف وصانعوه ليسوا مجرد هواة؛ فيجب ألا نقع في أي ثغرة أو تقصير في عمل يحمل اسم شهيدنا الأقدس.. والعمل لمّا ينته إلى الآن؛ ومن الوارد إلى حين الانتهاء تبديل بعض المقاطع والعبارات واستبدالها بعبارات أخرى تصل إلى قلوب النّاس. 

قد تكون الإجابة الأصعب على باجوق هو عن سؤال: "برأيكم هل يمكن لهذا العمل الفنّي وممثّليه تجسيد الدور التّاريخي الّذي أدّاه الشّهيد الأقدس، شهيد القدس، في ذاكرة الأجيال الحاليّة والقادمة؟" يجيب باجوق : "أرجو أن يجسّد عملنا الفني هذا الدّور التّاريخي. ولكن هذا الأمر صعب جدًّا، الدّور الّذي قدّمه سماحة السّيد المقدّس صعب على أيّ عمل أن يجسّد هذا الدّور. الشعوب التي تنتهج المقاومة المسلحة مسارًا لتحرير أرضها لا بد أن يرافقها حكمًا مسار فني يعكس المسار الأول، لتجذيره في وجدان الأجبال؛ ولكن في بيئة المقاومة يبدو هذا النوع من الأعمال الفنية نادرة؛ لذلك كان سؤال موقع "أوراق" : إلى ما ترجع سبب ندرة هذه الأعمال الفنّيّة في وسطنا الثقافيّ والاجتماعيّ خاصّة؟ يجيب باجوق: "أوّلًا، أعمال الأوركسترا هي أعمال ضخمة، لذلك هي مكلفة مادّيًا. ولكن هذا لا يعفينا ولا يعفي الجّهة المشرفة والحاضنة لهذه الأوركسترا بأن يكون هناك عمل أو عملان في السّنة تخاطب فيهما الوسط الثقافي والبيئة الاجتماعية. من هنا نرجو أن يكون هناك احتضان للأعمال الثّقافيّة الّتي تحكي وتحاكي التراث والمقاومة والشّهداء والوطن والمواضيع المختلفة جدًّا بقالب أوركسترالي وثقافي ممنهج، ... إن السّاحة تستوعب أناشيد جماهيريّة حماسيّة، لها وقتها في المهرجانات الانتخابيّة، وفي المهرجانات التأبينيّة ،إن صحّ التّعبير، ولكن عندما نتكلّم عن ثقافة الموسيقى، ثقافة موسيقى المقاومة، يجب أن تحكيها الأوركسترا؛ لأنّه علينا أن نخاطب كلّ الشرائح وكلّ الطوائف والمذاهب".

الشّاعر أنور نجم: "أحبكم" بكثير من الوجدان وبلغة مبسّطة قدر الإمكان، كتتبها..

يتميز الشاعر العاملي أنور نجم بتاريخ عريق في كتابة القصائد لتصبح أيقونة الإبداع الفني في تاريخ قريب ما نزال نذكره مع فرقة "الولاية"، والتي انطلقت مع انطلاق حزب الله في الثمانينيات القرن الماضي.. وكلنا ما نزال نتذكر "الشعب استيقظ يا عباس"؛ بعد استشهاد الأمين العام الثاني لحزب الله السيد عباس الموسوي، واليوم يكتب للشهيد الأقدس "أحبكم".

ولكن لماذا "أحبكم"؟

يقول الشاعر الكبير صاحب القصيدة لموقع "أوراق": "ممّا لا شك فيه أن استشهاد السّيّد أحدث ضجّة في النّفس، ولعلّه أكثر النّاس حساسيّة في هذا الموضوع هم الشعراء. ومن هنا كنتُ أصنع مفترقًا، أريد أن أكتب عن السّيّد، تواجهت كثيرًا بما أنّي متخصّص في هذا العالم بالأوبريتات، نظرًا إلى أنّي أكثر شخص عملت في الأوبريتات؛ فسالوني عن ماذا سأكتب، وأنا سألت نفسي ماذا سأكتب، فعالم السّيّد الشّهيد هو عالم مترامي الطراف وكبير جدًا. احترت ماذا سأكتب، فكتبت ثلاثة أوبريتات للسّيّد الأسمى، واثنين للسّيّد هاشم صفيّ الدّين وواحدة مشتركة للكل. أيضًا السؤال كبر، قد أكتب عن السّيّد ويمكن أن يسمع أحد الأوبريت فيسأل لماذا لم أكتب عن السّيّد الإنسان بشكل خاص يعني، فأقول ممكن معك حق، أو يقول عن السّيّد واليمن، فأقول معك حق... السّيّد والعراق، وأقول معك حق... السّيّد والجّود وأقول معك حق... فكتبت بحسب ما توجّهت نفسي، أخذت مشهديّات متعدّدة من حياته وسكبتها في أوبريت. اليوم نحن نتحدّث عن أوبريت اسمها "الحبّ الأسمى" أو اسمها " أحبّكم"، لعلّ أوّل أوبريت تحكي بلسان المقصود، المكتوب عنه.. "بكثير من الوجدان وبلغة مبسّطة قدر الإمكان، كتتبها.. يتابع نجم متأثرًا: "سمعتها إلى الآن إثنى عشر مرّة، إثنى عشر مرّة، وإثنى عشر مرة بكيت... كنت أستحضر السّيّد عندما كان يقول مثلًا أحبّكم، أو أنا بخدمتكم أو أنا معكم أو أنا بينكم ... ترجمت هذا الخط إلى لغة شعريّة مبسّطة جدًّا.."

يعتقد الشاعر أنور نجم أن "هذه إضاءة صغيرة على جانب من جوانب السّيّد؛ ويقول :" كنت أربط المرحلة مع بعضها. إذ تتميّز أوبريت "أحبّكم" الّتي صنعتها  و"عبدو منذر"، بخمس عشرة دقيقة، مثل أوبريت " الضّوء المشذّى" خمس عشرة دقيقة تقريبًا، تتميّز بأنّه لأوّل مرّة يتكلّم فيها المستهدف، ما نريد أن نقوله هو يتكلّم عنه... هي مزيج من الشرقي والغربي، وتتميز للون كنائسي للدلالة على أنّ لبنان يبكيه بكلّ طوائفه...."

ممّا تقوله القصيدة:

إنّي أفتّش في بقايا ملامحي عن صورة بين الصّور

وسأسأل الغيم المعتّق عن حبيبي إذا عبر

وأقوم للفرح المسافر في القرى

وعلى الشّواطئ والقلوب المبحرة

هل اعتذاراتي لموتك والرّحيل

وفتات أحداق المتيّم بالعويل

هلّا تلملمها بقايا لهفتي ؟

وتضمّد الجرح السّخين على مداهن غصّتي

فلما جعلت زمان وصلنا ظاميا؟

وجعلت قلبي للقيامة باقيا...

....

غرّبتني فمتى تعود من السّفر؟

عد لتجد عند انشطارات الهوى لك صورة هي أحلى من كلّ الصّور

..

أشتاقكم ضاقت مسافاتي على وطن المنافي والقيود

وأعيش بينكم امتدادًا ليس تحبسني اللّحود

وأحبّكم، وزرعت نبضي مورقًا برؤى الصّباح

عند الصّلاة مكبّرًا عند ابتسامات الجراح

أنا بينكم عمري على الأنداء ينثر عندكم

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد