يونغ جون، المخرج الكوري الجنوبي الحائز جائزة أوسكار عن فيلمه «طفيلي» (2019 ــــ Parasite)، بات مشهورًا في جميع أنحاء العالم بنوعين من الأفلام: هو أستاذ في الدراما الاجتماعية، كما هو واضح ليس فقط في «طفيلي»، ولكن أيضًا في فيلم «أمّ» (2009 ـــــ Mother)، وفي شكل معدل فيلم الإثارة والجريمة «ذكريات جريمة» (2003 ـــــ Memories of Murder).
من ناحية أخرى، هو مشهور أيضًا في صنع أفلام ضخمة باهظة الكلفة مثل «المضيف» (2006 ــــ The Host)، و«سنو بيرسر» (2013)، و«أوكجا» (2017).
يندرج فيلمه الخيالي العلمي الجديد «ميكي 17» (Mickey 17) المصمّم ببذخ ضمن الفئة الأخيرة. تدور أحداث العمل الذي عُرض في الدورة الحالية من «مهرجان برلين السينمائي»، حول ميكي بارنز (روبرت باتينسون)، في المستقبل غير البعيد. يدير ميكي مع أفضل صديق له مطعمًا لبيع الوجبات الخفيفة، ولكن المشروع يفشل ويُفلس.
للهروب من الديون المستحقّة لعصابات محلية، يبادر ميكي إلى تسجيل نفسه في شركة جديدة، تكلّفه بأخطر المهمات التجريبية على متن سفينة فضاء يُفترض أن تنشئ مستعمرةً على كوكب آخر مع أشخاص مختارين.
يقود رحلة الفضاء هذه والاستعمار الجديد كينيث مارشال (مارك روفالو)، الذي فشل مرتين في حملة الانتخابات الرئاسية. يقدم نفسه مع زوجته يلفا (توني كوليت) كزوجين مهتمين برحلات الفضاء، لكنهما في الواقع يهتمان بشكل أساسي بمصالحهما الخاصة.
في أثناء استعمار كوكب نيلفهايم الجليدي، يُكلّف ميكي بالوظائف الخطيرة، لأنه وافق على أن يكون «قابلًا للاستبدال». إذا مات، يُستنسخ مرة أخرى عبر طابعة بشرية، لا تحتوي فقط على ذاكرته السابقة فقط، بل يمكنه أيضًا مواصلة العمل بسلاسة. لكن الحياة على نيلفهايم أصبحت خطيرة، لأنّ المهمة تواجه خطر الفشل، والطعام ينفد، والمخلوقات المحلية غير سعيدة بجيرانها البشر الجدد.
لذلك، يتعين على ميكي 17، أن يتّخذ القرار الصحيح لإنقاذ الكوكب والبشر والمخلوقات المحلية.
«ميكي 17» هو في المقام الأول فيلم ترفيهي مسلّ خفيف الظل وذكي، لأن شخصية روبرت باتينسون محكوم عليها بالموت في الحقل التجريبي. لكن في الوقت نفسه يتم تحميل وعيه في كل استنساخ جديد.
تكتسب الحوادث الفضائية الإبداعية جودة كوميدية تكاد تقترب من القصص المصورة. أيضًا، للفيلم بُعد فلسفي خفيف حول كيفية انخفاض قيمة الحياة البشرية عندما تصبح قابلة للتكرار إلى الأبد.
على سبيل المثال، يمرّ السؤال الموجه إلى ميكي حول شعوره بالموت عبر الفيلم مثل النكتة المتكرّرة. كما أنّ العمل أيضًا هجاء لمجتمع استهلاكي رأسمالي استعماري لا أهمية للأفراد فيه. يظهر ذاك عبر شخصية كينيث مارشال الكاريكاتورية التي تأخذ خصائصها من شخصية دونالد ترامب وأيضًا من إيلون ماسك.
مع تقدم الفيلم، تتغيّر النغمة باستمرار، فلتقي الكوميديا بالخيال العلمي والرومانسية والإثارة والحركة واللحظات الدرامية التي تلمس القلب.
«ميكي 17» هجاء للبشرية. مغامرة خيال علمي ملونة، وقصة خيالية أخلاقية لا تتخلّى عن الإيمان بالخير في الناس. فيلم يطرح أسئلة حول الفردية والمواطنة وقيمة الحياة والرأسمالية والاستعمار، ولكن هذا الخطاب ليس عظيمًا ولا عميقًا. لا يتهم العمل كثيرًا بهذا على أي حال، فكل شيء مبالغ فيه وواضح من الناحية الأخلاقية.
يتضمن الفيلم بعض الحبكات الفرعية، ما يجعله مزدحمًا بعض الشيء، مع فكاهة فظة أحيانًا. «ميكي 17» ملحمة تحرير مناهضة للاستعمار بلمسة هوليوودية، وإنتاج ضخم وساحق يستحقه المخرج والقصة، وهو مناسب ليوم عائلي في السينما.