أوراق اجتماعية

وزيرة التربية في مواجهة ملفات الفساد: المسامح كريم؟

post-img

فاتن الحاج (صحيفة الأخبار) 

لا ينتظر اللبنانيون معجزات من حكومة «الإنقاذ والإصلاح»، لكنهم يراهنون على الحد الأدنى من الجدية والوضوح في الرؤية.

ومعلوم أن وزارة التربية تحوّلت، على مدى العقود الماضية، إلى وكرٍ للسمسرات والصفقات والمحسوبيات في ملفات المشاريع التربوية المموّلة دولياً والامتحانات الرسمية، والنازحين السوريين واستغلال الجمعيات التي تتولى تعليمهم، والـ«كومبينات» مع شركة التأمين على التلامذة في المدارس الرسمية.

مئات التجاوزات الإدارية والمالية تورّط فيها موظفون كبار فاسدون أفلتوا، خلال الوزارات المتعاقبة، من المساءلة عن ارتكاباتهم، بعدما أحاطوا أنفسهم بأشخاص داخل الأحزاب غطّوا فسادهم مقابل خدمات شخصية وحصص بآلاف الدولارات، واحتموا بثغر في القانون «تجرّم» فضح الفساد تحت عنوان «القدح والذم».

وفيما يأتي تعيين وزيرة التربية ريما كرامي بارقة أملٍ أخير لمحاسبة الموظفين المتورطين واستئصال الفساد من الوزارة، طُرحت تساؤلات جدية بشأن ما جاء في كلمتها، خلال التسلّم والتسليم، لجهة أنه «لا علاقة لي بماضي الموظفين» وأنها تريد أن «تفتح صفحة جديدة»، فهل يعني ذلك أنه عفا الله عما مضى، وأن الوزيرة ستكون غطاء جديداً للفساد بدلاً من مكافحته؟

وهل المطلوب أن يقبل اللبنانيون باستمرار نهب مقدرات التعليم؟ وكيف يُبنى المستقبل إذا كان الإصلاح يبدأ بتطمين الفاسدين بدلاً من محاسبتهم؟

أهل التربية لا ينتظرون من «الاختصاصية التربوية» أن تستمع إلى كبار الموظفين لتقرّر ماذا ستفعل، فإصلاح وزارة التربية لا يكون بالمشاورات مع الفاسدين أنفسهم.

لا مجال للتساهل في هذه القضية ولا يمكن التسامح مع هذا الماضي الأسود. والوزيرة اليوم أمام اختبار حقيقي لجهة معالجة ملفات الفساد في وزارتها والبدء بالمحاسبة فوراً، إذا كانت تريد فعلاً إنقاذ هذا القطاع الذي لم يعد يحتمل المزيد من النهب والخراب.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد