بعد أكثر من ستة عقود على استقلال الجزائر ما يزال العثور على رفات شهداء قضوا خلال الثورة بين الحين والآخر في الجبال والغابات، حيث تُستخرج رفاتهم من المغارات ومخابئ لجأ إليها الثوار في تلك المرحلة، أو من مدافن وقبور غير معروفة في الجبال، كما يعثر أيضًا على أغراض مع رفات هؤلاء الشهداء، والتي يعاد دفنها في مراسم رسمية وعسكرية.
في آخر حادث من هذا النوع، عُثر على رفات شهيد من شهداء الثورة يحمل اسم مسعود يعقوب، داخل مغارة في بلدة شيقارة بولاية ميلة، شرقي الجزائر، وعُثر مع رفاته على ورقة بها نص شعري عن الثورة التحريرية ليس واضحًا مُؤلّفه، وأمكن قراءة النص الذي يقول:
"تحيا الجزائر وشعب الجزائر غضوب وثائر على الغاصبين
فشعب الجزائر شعب أبيّ وما كان يومًا سوى عربي
برغمِ العدو الخبيث الدنيء ورغم المدافع والطائرات
فإنْ حالفته عوادي الزمن فقد صقلنا ضروب المحن
ولم تستطع أن تنالَ الوطن نوائبُ تعصف بالراسيات
لقد حاولوا تركيعنا ولكن فزعنا لإيماننا
وقمنا ندوس بآمالنا وجئنا على العهد بالمعجزات".
إضافةً إلى هذه الورقة التي تضمنت الأبيات الشعرية، عُثر على ورقة أخرى كان الشهيد يدوّن فيها مذكراته عن الأيام الأخيرة التي عاشها في المغارة، والتي يُعتقد أنه لجأ إليها بعد مطاردة من القوات الفرنسية. ويظهر في الورقة توقيعه باسمه مسعود يعقوب. كما عُثر مع رفاته على بندقية قديمة وخراطيش وحزام عسكري وحزام وضع الخراطيش، ونقود تعود إلى الحقبة الاستعمارية من الفرنك الجزائري ومصباح يدوي ببطارية وسكين وشفرات حلاقة ومشط كان يستعمله.
كان فريق تابع لجمعية هواة استكشاف المغارات لمدينة قسنطينة شرقي الجزائر، قد عثر بداية خلال محاولتها استكشاف مغارة تدعى بوعشرة بلدة الشيقارة، على هيكل عظمي لشهيد، قبل أن يتدخل فريق متخصص في الإنقاذ في الأماكن الصعبة يتبع الحماية المدنية للمساعدة في استخراج الرفات، بحضور قيادات عسكرية ومدنية، استمرت العملية أكثر 48 ساعة، بسبب صعوبات كبيرة نتيجة تفرعات المغارة التي تمتد بعمق 60 مترًا وشقوقها الضيقة.
في السياق نفسه، كان محافظ ولاية خنشلة شرقي الجزائر، قد أصدر قرارًا باستخراج رفات شهداء كشف عن تواجدها في مغارة في المنطقة، على أن تجري إعادة دفنهم بمناسبة احتفالات عيد النصر في 19 مارس/ آذار الحالي، كما كان عدد من الثوار الأحياء في منطقة ميلة، قد أكدوا في وقت سابق وجود رفات 60 شهيدًا في إحدى المغارات بمنطقة حمالة، ودعوا السلطات لاستخراجها وإعادة دفنها.