محمد باقر ياسين
خاص موقع "أوراق"
عاد موضوع إلغاء إمتحانات الشهادة المتوسطة "البريفيه" ليطفو على سطح الساحة التربوية من جديد في لبنان، وذلك يعود إلى التصريح الذي أدلت به وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي إلى إحدى القنوات التلفزيونية مفاده أن: "قرار إلغاء الامتحانات الرسميّة لشهادة "البريفيه" من عدمه سيُحسم في خلال أسبوع". ليتجدد النقاش التربوي من جديد إذا كانت ستُلغى، ولينقسم اللبنانيون بين مؤيد بشروط لهذا الإلغاء ومعارض له.
بدايةً؛ لا بد من تعريف مختصر لشهادة "البريفيه"، والتي هي شهادة تمنح مع نهاية مرحلة التعليم الأساسي في لبنان، وتعدّ تقويمًا مهمًا لمعرفة من هو المُخوّل للدخول إلى المرحلة الثانوية، والتي كلما ذكرت تسمع من يقول "يجب إلغاؤها".
تجدد الحديث عن إلغاء الشهادة المتوسطة "البريفيه"، بعدما صرحت وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي لإحدى القنوات التلفزيونية أنه: "بما يخصّ امتحانات الشهادة الرسميّة البريفيه، فهي على نار حامية، وأنّ قرار إلغاء الامتحانات الرسميّة من عدمه سيُحسم في خلال أسبوع من اليوم". مرجّحةً: "ألا تكون هناك مواد اختياريّة في الامتحانات الرسميّة التي توقّعت أن تتمّ في مواعيدها، مع أخذ وضع الطلاب الجنوبيين بالحسبان".
هل هذه المرة الأولى التي تُلغى فيها امتحانات الشهادة المتوسطة؟
إن اتخذ قرار الإلغاء بعد أسبوع لن تكون المرة الأولى التي تلغى فيها؛ فقد ألغيت الشهادة في:
1- العام 2014، بسبب إضراب المعلمين.
2- العام 2020، بسبب الانتشار الأول لجائحة كورونا.
3- العام 2021، بسبب انقضاء عام طويل من التعليم من بعد، وعدم القدرة على التقويم الحقيقي للحاصل التعليمي للطلبة.
4- العام 2023، بسبب عدم إمكان قوى الأمن متابعة إجراء الامتحانات على الأراضي اللبنانية" كافة.
5- العام 2024، إلغاؤها والاستعاضة عنها بامتحان وطني موّحد أجرته المدارس الرسمية والخاصة.
ما رأي الخبراء التربويين بالإلغاء؟
بعد استطلاع التعليقات أزاء هذا الموضوع والجدل فيه، والتي نشرت في العديد من مختلف وسائل الإعلام، ظهر رأيان، الأول يرى أن "إلغاء "البريفيه" قد ينتج عنه تغييرات وتحديات كبيرة في النظام التعليمي اللبناني، ما قد يؤدي الى فقدان أداة تقويمية مهمة، ويقلل من قدرة الأسرة التربوية على تثمين مستوى الطلاب بشكل موحد وبنّاء، فتحصل اضطرابات وتفاوتات كبيرة في هذا المجال".
كما يرون أنه: "من غير وجود هذه الشهادة، قد يترفّع الطلاب إلى الثانوية العامة من دون التحقق من جاهزيتهم الأكاديمية، ما قد يؤثر في تحصيلهم الدراسي. بالإضافة الى ذلك، قد يشعر أولياء الأمور بالضياع والقلق على مصير أولادهم العلمي". ويرون أن: "إبطال هذه الشهادة قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على مستوى التعليم والتقويم الأكاديمي محليًا وعالميًا. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج المناهج التعليمية العتيقة إلى تحديث عاجل، لمواكبة الرقي والازدهار وضمان تقديم تعليم عالي الجودة".
كذلك يرى أنه: "من المفترض تطوير المنهج التعليمي الذي حتى الساعة لمّا ينته، وما نزال على المنهجية القديمة التي انطلقت في العام 1997 وكانت بوضع التجريبية، لذلك إذا لم تُحدّث البرامج لا يمكننا التغيير أو التقدم".
في المقابل؛ يرى الرأي الثاني أنه: "مع الوقت، وانتشار التعليم، بشكل واسع وتحصيل المتعلمين شهادات عليا، لم تعد للبريفيه تلك الأهمية الوظيفية، سوى أنها أحد صفوف السلّم التعليمي. وبدأت المؤسسات الحكومية اللبنانية تفرض البكالوريا القسم الثاني أو شهادة التعليم الثانوي هلى أنها أدنى مستوى علمي مقبول لأي وظيفة، ففقدت شهادة المرحلة المتوسطة دورها، منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين. لكنّ النظام التربوي استمر في إجراء امتحانات رسمية فيها من دون مسوّغ".
يتابعون أنه: "لا أهمية لاختبار حكومي للشهادة المتوسطة للقول إن الناجح قد أنهى هذه المرحلة، وأصبح مؤهّلًا لكذا وكذا. فالصف التاسع كالصف الذي قبله أو بعده. ومعظم دول العالم ليس لديها امتحانات حكومية لإنجاز مرحلة والبدء بأخرى". كما يرون أنه: "عندما تُلغى هذه الشهادة، ستتم معاملة تلامذة الصف التاسع في المدرسة بجدية كتلامذة الصف الثامن أو العاشر، وسيكون التقويم التكويني المرافق لعمل الطالب ونشاطه اليومي هو ما سيتمّ احتسابه. إذ بدل مسابقة في ساعة أو ساعتين تقرر قدراته ونجاحه أو فشله، يكون البديل هو متوسط ما يحصّله طوال العام الدراسي في المواد. وبهذا يتوفر مبدأ العدالة في التقويم".
كيف توقف الشهادة المتوسطة؟
توقف الشهادة المتوسطة في مجلس النواب، بإعداد قانون يتعلق بهذه المسألة، وترفعه بدورها وزيرة التربية إلى مجلس الوزراء، والذي بدوره يحيله إلى البرلمان مجددًا للتصويت عليه، وبذلك تصبح آلية الإلغاء قانونية".
ختامًا، سينتظر الطلاب هذا الأسبوع المصيري الذي سيقرر مصير عامهم الدراسي، وهم منشدون إلى ما ستؤول له الأمور في نهايته. وسينتظرون خروج وزيرة التربية والتعليم العالي عليهم لتتلوا القرار النهائي الذي سيؤثر حتمًا على مسيرتهم التعليمية، سواء أكان سلبًا أم إيجابًا.