اوراق مختارة

بين "وصاية" أورتاغوس و"نعامة" رجي.. سيادة على القطعة!.. 

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
    
تجاوزت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس كل البروتوكولات والأعراف الدبلوماسية المتبعة بين الدول، وهي منذ أن وصلت إلى لبنان في زيارتها الأولى تعمل عن سابق تصور وتصميم على التفنن في إنتهاك السيادة اللبنانية وفي التدخل بالشؤون الداخلية وإعطاء التوجيهات والأوامر لوزراء ونواب وموظفين من دون الرجوع لا إلى رئيس الجمهورية ولا إلى رئيس الحكومة ولا إلى وزير الخارجية الذي يفترض به وبحسب المهام والمسؤوليات المناطة فيه، أن يضبط تحركاتها وسلوكها ويوقفها عند حدها، لا أن يلبي إستدعاءها له إلى مقر السفارة الأميركية في عوكر، كما فعل سبعة وزراء آخرين، خمسة دفعة واحدة وإثنان بمفردهما، وذلك من دون أي تنسيق أو إستئذان من الرئيس نواف سلام الذي بدوره أيضا لم يحرك ساكنا.. 

إستباحت أورتاغوس لبنان وإجتاحت مقراته الرسمية واضعة الكرامة الوطنية على المحك، من وضعها خاتم نجمة داوود في يدها إلى تقديمها الشكر والامتنان لإسرائيل على إعتدائها على لبنان وقتل أبنائه من على منبر رئاسة الجمهورية، ومن ثم الكذب على اللبنانيين بالتعهد بإسم أميركا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل في ١٨ شباط الفائت، إلى إرتدائها قلادة نجمة داوود في زيارتها الثانية وإعتدائها على رئاسة الحكومة باستدعاء وزرائها إلى عوكر، والإيحاء دائما بأنها وسيط غير نزيه يعمل على تحقيق مصالح إسرائيل.

وما زاد الطين بلة هو عدم إكتفاء أورتاغوس بفرض وصاية كاملة على لبنان، وإجبار بعض المسؤولين على الرضوخ للإملاءات، بل ذهابها نحو تنصيب نفسها خصما داخليا لبعض التيارات والأحزاب السياسية وفتح سجال معهم، من الرد “بالتثاؤب” على خطاب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى هجومها غير المبرر على وليد جنبلاط والرد عليه بعبارة “المخدرات مضرة”، حتى وصل الأمر إلى تدخل المملكة العربية السعودية لإيقاف السجال بينهما، وذلك في ضرب بعرض الحائط لكل الأصول والأعراف الدبلوماسية أمام مرأى ومسمع كل اللبنانيين الذين ظنوا لوهلة أن أورتاغوس ترأست حزبا أو تيارا حليفا للقوات اللبنانية وبدأت تمارس مع الوزراء والنواب الحلفاء دور الحسيب والرقيب على كل كلمة أو تصريح يصدر عن أي جهة ويتضمن إنتقادا لإسرائيل أو تبنيا لأولوية رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في الانسحاب الإسرائيلي ووقف الاعتداءات والخروقات ومن ثم البحث في موضوع السلاح ضمن حوار داخلي.

وما يثير الاستغراب إلى حدود السخرية هو أن كل ما قامت وتقوم به أورتاغوس من إستفزازات وإملاءات وتدخلات وإثارة نعرات وإنتهاك للسيادة وضرب للمؤسسات الدستورية لم يحرك ساكنا لدى وزير الخارجية يوسف رجي الذي كان كالنعامة في التعاطي مع السلوك المشين لأورتاغوس، حتى أنه لم يجرؤ على الاعتراض على إستدعائه إلى مقر السفارة في عوكر، في حين أنه كان يجب على أورتاغوس أن تزوره في مقر وزارة الخارجية وفقا للأصول.

لكن الوزير رجي نفسه شرب “حليب السباع” وإستعرض عضلاته وقرر إستدعاء السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني وذلك بسبب تغريدة له على منصة “أكس” حول موضوع حصرية السلاح، معتبرا أنه “بمجرد أن تستسلم الدول لمطالب نزع السلاح تصبح عرضة للهجوم والاحتلال كما حصل في العراق وليبيا وسوريا”.

سلوك المبعوثة الأميركية أورتاغوس لا يبشر بالخير ويؤشر إلى إحتلال جديد، أما موقف الوزير رجي فيجسّد سياسة الكيل بمكيالين والصيف والشتاء على سطح واحد، ويفرّغ “السيادة” من معانيها بعدما أصبحت “غب الطلب أو “على القطعة”، أو رهن إشارة ولي الأمر الأميركي!..


 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد