اوراق خاصة

الحكومة اللبنانية تكيل بمكيالين

post-img

حسين كوراني/ خاص موقع أوراق

وضعت تصرفات الحكومة وعدد من وزرائها، غالبية اللبنانيين أمام تساؤلات تثير الاستغراب والاستنكار لجهة تعاطيها مع عدة ملفات داخلية وخارجية، ولجهة بعض المواقف السياسية التي سجلتها، ما جعل سيادة لبنان منتهكة وفي أدنها مستوياتها، ما يذكرنا بعهد المندوب السامي الفرنسي في فترة ما  قبل الاستقلال.

كشفت تغريدة السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني على منصة "أكس" حول موضوع حصرية السلاح، حين قال إنه "بمجرد أن تستسلم الدول لمطالب نزع السلاح تصبح عرضة للهجوم والاحتلال كما حصل في العراق وليبيا وسوريا"، الازدواجية في المعايير التي تتعاطى فيها السلطة في لبنان مع الدبلوماسيين الأجانب، وخاصة وزير الخارجية يوسف رجي الذي شرب حليب السباع وانتفض ليدافع عن كرامة وسيادة وطنه من التدخلات الخارجية، فاستدعى أماني لمقر وزارته وطلب منه عد التدخل في الشؤون الداخلية للبنان. ومن يراقب المشهد يظن أن رجي صاحب مواقف رجولية قلَّ نظيرها.

لكن ما يثير الاستهجان إلى حدود السخرية أن الوزير رجي يصم أذناه ويعمي بصره حين تصدر مواقف مسيئة للبنان وشعبه من شخصيات قادمة من الخليج والغرب، وتحديدًا من السعودية والولايات المتحدة. فما تقوم به نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس إلى لبنان من استفزازات وإملاءات وتدخلات وإثارة نعرات وانتهاك للسيادة وضرب للمؤسسات الدستورية لم يحرك ساكنًَا لدى رجي الذي لم يجرؤ على الاعتراض على استدعاء أورتاغوس له إلى مقر السفارة في عوكر، في حين أنه كان يجب على أورتاغوس أن تزوره في مقر وزارة الخارجية وفقًا للأصول.

ومنذ أن وصلت أورتاغوس الى لبنان في زيارتها الأولى تجاوزت كل البروتوكولات والأعراف الدبلوماسية المتبعة بين الدول، واستباحت واجتاحت مقراته الرسمية واضعة الكرامة الوطنية على المحك، من وضعها خاتم نجمة داوود في يدها إلى تقديمها الشكر والامتنان لـ"إسرائيل" على اعتدائها على لبنان وقتل أبنائه من على منبر رئاسة الجمهورية، ومن ثم الكذب على اللبنانيين بالتعهد باسم أميركا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل في ١٨ شباط الفائت،  واعتدائها على رئاسة الحكومة باستدعاء وزرائها إلى عوكر. 

وعملت عن سابق تصور وتصميم على التفنن في انتهاك السيادة اللبنانية وفي التدخل بالشؤون الداخلية وإعطاء التوجيهات والأوامر لوزراء ونواب وموظفين من دون الرجوع لا إلى رئيس الجمهورية ولا إلى رئيس الحكومة ولا إلى وزير الخارجية الذي يفترض به وبحسب المهام والمسؤوليات المناطة فيه، أن يضبط تحركاتها وسلوكها ويوقفها عند حدها.

والأدهى من كل ذلك أن أورتاغوس فرضت وصاية شبه كاملة على لبنان، وأجبرت بعض المسؤولين على الرضوخ لإملاءاتها، بل ذهابها نحو تنصيب نفسها خصما داخليا لبعض التيارات والأحزاب السياسية وفتح سجال معهم، من الرد "بالتثاؤب" على خطاب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى هجومها غير المبرر على وليد جنبلاط والرد عليه بعبارة "المخدرات مضرة"، لوهلة أن اللبنانيين ظنوا أن أورتاغوس ترأست حزبًا أو تيارًا حليفًا للقوات اللبنانية وبدأت تمارس مع الوزراء والنواب الحلفاء دور الحسيب والرقيب على كل كلمة أو تصريح يصدر عن أي جهة ويتضمن إنتقادًا لـ"إسرائيل" أو تبنيًا لأولوية رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في الانسحاب الإسرائيلي ووقف الاعتداءات والخروقات ومن ثم البحث في موضوع السلاح ضمن حوار داخلي.
 
وعليه فإن موقف الحكومة اللبنانية ووزير خارجيتها يجسّد سياسة الكيل بمكيالين، ويفرّغ السيادة الوطنية من معانيها بعدما أصبحت رهن إشارة أورتاغوس.
 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد