بعد 24 ساعة من التحريات، تمكنت السلطات الفرنسية من تحديد هوية المشتبه به بجريمة القتل الوحشية التي ارتكبت، صباح يوم الجمعة، في مسجد "غراند كومب"، بالقرب من مدينة أليس في إقليم غار.
وفقا للمعلومات المتوفرة لصحيفة "لو باريزيان"، القاتل المشتبه به هو فرنسي من أصول بوسنية، كان يعيش في المنطقة، ومن دون معرفة أجهزة الدرك المحلي، وكان يعيش مؤخرا على الإعانات الاجتماعية (RSA)، ويقضي معظم وقته في ألعاب الفيديو.
وثقت عدة كاميرات من كاميرات المراقبة التابعة للمسجد الهجوم الوحشي. كما قام الجاني نفسه بتصوير المشهد عبر هاتفه الذكي مباشرة بعد تنفيذ الجريمة. ووفقا لمصدر مقرب من التحقيق، صوّر الضحية عن قرب وهي تحتضر على الأرض بعد أن طعنها عدة مرات بسكين ذي نصل طويل. ويقول المعتدي في الفيديو، والذي يمتد لعدة عشرات من الثواني: "لقد فعلتها"، ومعلّقا: "سوف يقبض عليّ بالتأكيد"، بعد أن لاحظ وجود كاميرات مراقبة في القاعة.
قال المدعي العام في أليس، عبد الكريم غريني، لصحيفة "لو باريزيان": "يبدو أن القاتل لم يكن يعرف الضحية"، مضيفا أن فرضية الجريمة بدافع عنصري أو معاد للإسلام قيد الدراسة، إلى جانب فحص حاله النفسية والعقلية.
الضحية، أبوبكر، شاب مالي الجنسية يبلغ من العمر نحو 22 عاما، كان يسكن في حي تريسول القريب من مسجد خديجة، وهو مبنى بسيط يقع بجوار نهر غاردون وعلى مقربة من سكة حديدية بعيدة عن مركز المدينة. بحسب شهود نقلت عنهم صحيفة "ميدي ليبر"، كان أبو بكر شخصية معروفة ومحبوبة في بلدة غراند-كومب التي يبلغ عدد سكانها نحو خمسة آلاف نسمة، والتي تعاني الفقر منذ تراجع نشاطها المنجمي.
من جانبه، أدان وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، يوم السبت، الجريمة واصفا إياها بأنها "اغتيال شنيع" وقع في "مكان عبادة مقدس"، مؤكدا أنها "تمس قلوب جميع المؤمنين".
إثر هذا الاعتداء؛ دعا العديد من الشخصيات اليسارية، من بينهم جان لوك ميلانشون، إلى التجمع مساء الأحد في باريس ضد الإسلاموفوبيا. قد أطلق جان لوك ميلانشون، عبر منصة “إكس”، نداء للتجمع “ضد الإسلاموفوبيا” اليوم الأحد الساعة السادسة مساءً في باريس، عقب مقتل مصلٍّ، يوم الجمعة، داخل مسجد بمنطقة La Grand، في جريمة يُعتقد أنها كانت مُخططة مسبقًا، حيث صوّر القاتل ضحيته أثناء شتمه لـ”الله”. في رسالته، أكد زعيم حزب “فرنسا الأبية” أن هذه المأساة “نتيجة للتحريض المستمر على الإسلام”، وبرأيه أنها “تجاوز لخط أحمر غير مقبول”.
في رده على هذه الجريمة، وصف رئيس الوزراء فرانسوا بايرو الحادثة بأنها “عمل إسلاموفوبي دنيء”، مضيفًا: “نحن نقف إلى جانب أسرة الضحية والمصلين المصدومين”، مشيرًا إلى أنه “تم تسخير إمكانيات الدولة للقبض على القاتل ومعاقبته”.
من جهته، عبّر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (CFCM)، الهيئة السابقة لتمثيل الإسلام في فرنسا، عن “صدمته” إزاء هذا “الهجوم الإرهابي المعادي للمسلمين”، داعيًا مسلمي فرنسا إلى “اليقظة القصوى”، وفق بيان صحفي. وشدد المجلس على “العواقب الكارثية لتطبيع الكراهية ضد المسلمين ونشرها إعلاميًا”، وأوصى المصلين بعدم البقاء بمفردهم أو معزولين داخل المساجد. كما دعا السلطات العامة إلى “إطلاق خطة وطنية فورية لتعزيز حماية أماكن العبادة الإسلامية”.