إسراء إسماعيل/جريدة الأخبار
بعد أكثر من شهر على توليه منصب نقيب الفنانين السوريين، يحذو مازن الناطور حذو كل المسؤولين في سوريا، فلم يلبث أن جلس على الكرسي في دمشق، حتى استفاق شيطان السلطة داخله، وبدأ من موقعه يرتجل القرارات يمينًا وشمالًا.
البارز في أداء الناطور أنّه نصّب نفسه قاضيًا على الفنانين، يحاسبهم على رأيهم السياسي، ويحدد مصائرهم بناءً على أدائهم «الثوري». فصل هنا، وترقية هناك، وعضويات شرف في النقابة لمن هبّ ودب، إضافة إلى قحط في الإجراءات الضرورية لنفض النقابة المتهالكة أصلًا من عهد النظام السابق، فالنقيب الجديد مشغول في تصفية الحسابات مع الأعداء، وتزكية الأصدقاء بناءً على معايير لا يعلم أساسها إلا هو ومكتبه.
ككل المسؤولين، أقسم قسمًا نفّذ نقيضه تمامًا، فمن قال «سأكون عونًا لكل الزملاء من دون استثناء، وأسعى إلى إعادة دور النقابة كجهة تحمي حقوق الفنانين وتدافع عن مصالحهم»، سارع إلى شطب قيد سلاف فواخرجي بتهمة إنكار جرائم الأسد، ليصهر بذلك الفن بالسياسة، مرتكبًا أخطاء نقابة النظام السابق بعينها، مع أنّه يُفترض أنّه جاء محررًا مع المحررين الذين سيخلصون سوريا من كل قيود الأسد وظلم مؤسساته!
من قال إنّه جاء نقيبًا للفنانين لمدة «تسيير أعمال» ريثما يتم تنظيم ملفات النقابة، وتهيئة بيئة مناسبة لانتخابات عادلة، يتصرف اليوم كأنه نقيب الفنانين «إلى الأبد»، فالناطور بدأ في منح عضويات الشرف في نقابة الفنانين «السوريين» لفنانين ليسوا سوريين، ولم يقع اختياره على فنان عادي لا يحمل في إرثه إلا تاريخًا فنيًا، وألبومات وكليبات ومهرجانات، بل اختار الناطور منح عضوية الشرف لفضل شاكر، لمواقفه السابقة الداعمة والمتعاطفة مع آلام الشعب السوري في سنوات الثورة، بصرف النظر عن النهج الذي اتبعه في تجسيد هذا التضامن، «المهم أنّه تضامن!».
في عضوية شرف منحها الناطور للمغنية السورية أصالة نصري، لم يترك خانة الأسباب خاليةً من السياسة، فكتب أنّها مُنحت عضوية الشرف تقديرًا لموقفها الوطني النبيل الحر من قضايا شعبها ووطنها، مع العلم أنّ أصالة لا تحتاج حجة لهذه العضوية، بل إنّه من الطبيعي أن تكون فنانة سورية بحجمها الفني، تتبع لنقابة بلادها.
ما يفعله الناطور في كل ظهور إعلامي يؤكد أنّه لا مكان للفن في شخصيته «الإدارية»، بل يبدو كأنه «ديكتاتور» يتولى مهمة المراقب الفني، ويعلّق على الملفات السياسية – التي تتماشى مع خلفيته الثورية - أكثر مما يعلّق على الفنية، حتى إنّه لا يوفر فرصة للدبكة «الحورانية» إلا ويغتنمها، حتى وإن تصادفت المناسبة مع مجازر في الساحل، وجملة تصرفات فردية في حمص، وإخلاء قرى في حماة، فالناطور لا يرى إلا ما يحدث خارج الأسوار!