اوراق خاصة

هل بات التوصل إلى اتفاق مع إيران قريبًا؟

post-img

حسين كوراني/ خاص موقع أوراق

قطعت المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، في جولتها الرابعة، شوطًا كبيرًا أظهر نوعًا من التقدم والإيجابية. هذا ما اتضح من تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال زيارته إلى العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الخميس. إذ أعرب أن بلاده: "باتت قريبة جدًا من التوصل إلى اتفاق مع إيران"، مؤكدًا رفضه لخيارات العنف التي تدعو إليها بعض الأطراف، في إشارة ضمنية إلى "إسرائيل" التي تدفع باتجاه ضرب المنشآت النووية الإيرانية.

في مؤتمره الصحفي الذي عقده في الدوحة، قال ترامب إن بلاده جادة للغاية في المفاوضات مع طهران، من أجل التوصل إلى سلام طويل الأمد، كاشفًا أن إيران "وافقت نوعًا ما" على بنود الاتفاق المطروح.

ترامب يتهم إيران بزعزعة الاستقرار وبزشكيان يردّ

تأتي تصريحات ترامب عن التوصل إلى اتفاق مع طهران، بعد يومين من هجومه عليها، خلال مشاركته في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي في الرياض؛ لقد اتهمها بالتسبب في الأزمات الاقتصادية وزعزعة الاستقرار الإقليمي. وهذا ما أثار ردود فعل غاضبة من إيران، إذ قال رئيسها مسعود بزشكيان، الأربعاء لترامب: "تهديداتك لن تخيفنا. هل جئت إلى المنطقة لتخيفنا؟"، وأكد في خطاب له أن: "إيران ستبني بلادها بقوة وتعمرها، سواء اتفقنا أم لم نتفق معكم في المفاوضات". وأضاف: "تصريحات ترامب نابعة من جهله بالإيرانيين.. واشنطن تتهم طهران بزعزعة استقرار المنطقة، بينما هي التي قتلت 60 ألف طفل وامرأة في غزة".

أين أصبحت المفاوضات؟

ركزت الجولتان السابقتان من المحادثات، في مسقط وروما بوساطة عُمانية، بشكل أساسي، على معايير المفاوضات. لكن الجولة الثالثة ما قبل الأخيرة، ضمت خبراء فنيين، في ما يمكن عدّه مؤشرًا إلى تقدّم المحادثات وولوج الطرفين مرحلة التفاصيل الفنية وصياغة نص الاتفاق، الأمر الذي يمكن أن يشكّل بحدّ ذاته أصعب مراحل المفاوضات، بالنظر إلى أن "الشيطان يكمن في التفاصيل" دائمًا.

أطلع رئيس الوفد الأميركي المفاوض ستيف ويتكوف مجلس الأمن الدولي، قبل أيام، على تفاصيل الاقتراح الأميركي في الجولة الرابعة، والذي وصفه بأنه "رائع وكبير جدًا". لكنه شدد على "ضرورة إحراز المزيد من التقدم في المفاوضات"، كما قدم ويتكوف الاقتراح الحديث إلى وزير الخارجية الإيراني ورئيس الوفد المفاوض عباس عراقجي في سلطنة عمان، يوم الأحد، وفقًا لـ"أكسيوس". أبدى مبعوث واشنطن ارتياحه لنتائج الجولة الرابعة من المحادثات، والتي عقدت قبل يوم واحد من بدء ترامب جولته إلى منطقة غرب آسيا (الشرق الأوسط)، بينما لم يُحدد موعد للجولة الخامسة بعد.

قال ترامب لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال لقائهما في الدوحة، الأربعاء: "آمل أن تتمكّنوا من مساعدتي في التعامل مع الوضع الإيراني. إنه وضع محفوف بالمخاطر، ونريد اتخاذ القرار الصائب". مؤكدًا رغبته في تجنب الحرب؛ لأن "مثل هذه الأمور تبدأ وتخرج عن السيطرة. لقد رأيت ذلك مرارًا وتكرارًا ولن نسمح بحدوث ذلك".

من المتوقع أن يجتمع دبلوماسيون كبار من إيران ومجموعة الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) في إسطنبول، يوم الجمعة، في أول اجتماع من نوعه منذ شهرين.

هذا؛ وقال دبلوماسيون أوروبيون إن القوى الأوروبية الثلاث قررت تفعيل آلية "إعادة فرض العقوبات"، بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، إذا لم يُتوصل إلى اتفاق جديد بحلول آب/أغسطس المقبل.

جدير أن نذكر أن النزاع يدور حاليًا في ما يتعلق بمستوى التخصيب الإيراني، وكذلك مخزونات اليورانيوم العالي التخصيب، والذي زاد الآن عن 300 كيلوغرام؛ وهو ما جعل إيران تملك فعليًا القدرة على تصنيع نحو سبع قنابل ذرية، الأمر الذي أثار مخاوف الغرب.

لذلك؛ تمارس واشنطن ضغطًا على طهران لإيصال مستوى تخصيب اليورانيوم إلى الصفر، أو على الأقل إلى المستوى المقبول الذي أقرّه اتفاق العام 2015، أي 3.67%. كما أنها تريد نقل مخزونات اليورانيوم المخصّب إلى خارج إيران. ومن ناحية أخرى، فإنّ كيفية رفع العقوبات وضمان عدم انسحاب أميركا مجددًا من الاتفاق، يشكّلان محور النقاش الرئيسي بشأن مسألة العقوبات.

إيران تكثّف مشاوراتها

في خضمّ ذلك؛ تسعى طهران إلى تكثيف مشاوراتها مع الأطراف الدولية الأخرى، ومنها حليفاها الصين وروسيا إلى جانب الأطراف الأوروبية. وبعد أن سافر إلى موسكو قبيل الجولة الثانية من المحادثات، زار عراقجي عشية الجولة الثالثة بكين، والتقى المسؤولين الصينيين وبحث معهم آخر مستجدات المفاوضات، في ما يمكن أن يعزّز رصيد طهران السياسي في محادثاتها مع واشنطن. وأعلن عراقجي، عشية توجّهه إلى مسقط، أنه جاهز للسفر إلى باريس وبرلين ولندن للحوار بهدف تحسين العلاقات. 

تتمحور المفاوضات بين الجانبين في ما يخص الملف النووي فقط، وهذا ما أكده المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي بأنّ: "قضية القدرات الدفاعية والصاروخية للبلاد لم ولن تُطرح في هذه المفاوضات"، وفقًا لما أوردته وكالة "إرنا".

في المحصلة، وصفت الولايات المتحدة وإيران المحادثات بأنها إيجابية، على الرغم من تهديد ترامب بشن ضربات عسكرية أمريكية وإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية في حال عدم قبول طهران بالتوصل إلى اتفاق، في المقابل هددت إيران بإشعال المنطقة إذا ما أخطأت واشنطن حساباتها معها.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد