منذر الايوبي (سفير الشمال)
رغم رهانٍ على عهدٍ مشفوع بأمل يبدو ان العبور إلى دولة حقيقية لا يزال في أول المَعبور.. المسار الانحرافي لم ينتهِ تقويمآ وإن خفُت تسارعه لتبقى مقاربة السقوط والاصطدام قائمة، خلفية قصورِ بصيرّة لا ضعف بَصَر مانع عودة إلى المدار الصحيح.. ثمّ ان غالبية قيادات ورموز سياسية لأحزاب وتيارات تَصَمامَت عن واقع لابِسَةَ مُسوح رُهبان، كما طبقة أوليغارشية تَقَمطت خُبثا دَرَج وشُبهةً فساد تقارب حقيقةَ وضوح بُعْدَ غموضٍ، في ما انضم بالرِضّا المَعيوب إلى كومبارس التحليل المالي والتَدليس الاقتصادي بعض امن وقضاء بِتغريرٍ أو إكراه..
تاليآ؛ قد لا يعتبر كافٍ الأداء السياسي لِلعهد بمواجهة خطورة المرحلة المصيرية والتهديد الوجودي للكيان مع اعتماد الديبلوماسية لغة الإنقاذ والخلاص لكنّها ضرورة عقلانية كرستها تغيرات جيوسياسية فرضت نفسها على الجوار والإقليم؛ في ما الإدارة الأميركية لا تغض طرفآ بل تسمحُ جَهرآ مواصلة العدوان، إذ إن أجندة مجلس الأمن القومي لم ولن تتغير سواء بقيت نائبة المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط السيدة مورغان اورتاغوس تتأبط شرآ، أم كُلف السفير لدى تركيا توماس باراك ضم لبنان إلى صلاحيات السلطنة بعد أن تسلم في الخامس والعشرين من أيار الماضي مهام المبعوث الأميركي الخاص لدى سورية، لكن العرافات تشير إلى جويل رايبورن المرشح لمنصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، اما اللبنانيين فرغباتهم عاطفية لا براغماتية ترى مرونة مسبقة في مسعد بولس المستشار الرفيع لدى الرئيس الأميركي... .
من جهة أخرى؛ تمر المنطقة في مرحلة المخاض لاستيلاد معادلة جديدة بالجمع والقسمة لكيانات ونفوذ مؤداها شرق اوسط جديد، بينما يسعى بنيامين نتنياهو مدعومآ من اللوبي الصهيوني إلى الولادة القيصرية، يتريث الرئيس الأميركي دونالد ترامب باعتماد هذا الخيار.. وبصرف النظر عن نظرية الصيف السياحي الواعد، فالأجواء السياسية والميدانية محليآ وإقليميآ غير مريحة قطعآ، الضاحية الجنوبية لبيروت بتفاصيلها ابنية وسكان ضمن شريحة الذاكرة التفاعلية لمُسيرات هيرمس 450، ثمّ ان لواء الجليل 91 اعاد انتشاره على الحدود الشمالية مع الاحتياط 146 ضمن مهام الإمساك بالتلال الخمس وتثبيت الحزام الخالي على الحافة الحدودية، ليصبح لبنان بين مطرقة العدوان وسندان تطبيق القرار الأممي 1701..!
سياقآ؛ أتت زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بيروت لتكرس اتفاق تسليم سلاح المخيمات للدولة اللبنانية، خطوة أولى جدية لتنفيذ قرار الحصرية المُبَوب في خطاب القسم، إلا ان التباين الفلسطيني - الفلسطيني وتواجد مجموعات اصولية مارقة في مخيم عين الحلوة وسواه قد يكون حجر عثرة بوجه المأمول المُفترض. . كما لم تخلو زيارة غير معلنة لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من إيجابية ملموسة عنوانها في كتابه (قوة التفاوض) مضمونها فتح صفحة جديدة من العلاقات مع الدولة اللبنانية، ليبقى تبريد المنطقة مرهونآ بنجاح مفاوضات الاتفاق النووي.
استباقآ؛ لم يعد من اهتمام لدى اللبنانيين بزيارات المبعوثين الدوليين والأوروبيين طالما مربط الخيل واشنطن.. قد يسجل للموفد الفرنسي جان ايف لدوريان بعض ثواب لتكبده مشقة السفر وثقل حقيبة بما حَوَّت من ملفات الإصلاحات المالية والاقتصادية، وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، تجديد عمل قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوبUNIFIL.. في ما المنتظرين على جمر زيارة توماس باراك يضربون اخماسآ بأسداس لسببين الاطمئنان على الليدي اورتاغوس ولائحة الخيارات الأميركية المعروضة لإنهاء الأزمة. .
في السؤال استنادآ لما ورد أين لبنان مما يجري..؟
1 - لا يمحو نشاط أركان الدولة في زياراتهم الخارجية وجولاتهم الاستطلاعية على المراكز الرسمية حال التضارب والانقسام العمودي السياسي - الطائفي، إذ يتعرض الجهد الديبلوماسي الساعي إلزام العدوّ تنفيذ انسحاب كامل وتسليم الأسرى إلى ضربات متتالية من بعض افرقاء الداخل، سببية بطء في عملية نزع السلاح الإستراتيجي لحزب الله، في ما رئيس الجمهورية متفهم للتركيبة اللبنانية واضعآ الإستراتيجية الدفاعية أو الوطنية إطارآ وهذا يحسب له لا عليه.
2 - شكل إنجاز الاستحقاق البلدي رغم شوائب استعادة لنشاط الادارات المحلية في ظل فقر حال، ما يفرض استكمال الإصلاحات البنيوية للدولة المهترئة، سواءً لجهة اقرار القوانين أم التعيينات الادارية القضائية والمالية…
3 - تأتي ضربات العدوّ الجوية رغم اتهام حزب الله ترميم بُنَاه العسكرية ضمن هدف إضافي مضاعفة الضغط الاقتصادي مانع التقاط انفاس الناس خلال موسم الاصطياف..
4 - في ظل صمت اللجنة الخماسية المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار، يعتمد مجلس الحرب الصهيوني إستراتيجية مرتكزة على منع الجنوبيين العودة إلى بلداتهم أو إعمار منازلهم ولو استخدموا البيوت الجاهزة، لإكراه البيئة الشيعية ووضعها امام خيارين عصيان وانتفاضة بوجه حزب الله أو انصياع وتسليم بالواقع الميداني المفروض.
ختامآ؛ من الخطورة بمكان في ظل استهتار ملموس ان يبقى الوطن الصغير ساحة تقاطع مصالح لا شريكآ في رسم مستقبله، كما أن انعدام التفاعل الجيوسياسي مع تطوّرات الإقليم سيُصيب مقتلآ إن لم يتجرأ مسؤوليه على الإقدام والتقاط الفرصة التاريخية للإنقاذ سيما بعد استدارت سورية بنظامها الجديد غربآ وخليجيآ وباتت في مرمى الاستثمارات الدولية… هذا ليس تهويلًا بل توصيفًا لمتوقع في حمأة فوضى تحولات ودعوة لاستباق الأمور..!