أوراق ثقافية

فنانون يشجبون المقتلة: سوريا لا تحتمل كل هذه المقابر

post-img

مهدي زلزلي/ جريدة الأخبار

حجب الحدث السوري الأنظار عن كل ما عداه محليًّا وعربيًا وعالميًا، مع انتشار مقاطع فيديو تظهر الاعتداء على كبار السن من أبناء محافظة السويداء وإهانتهم، والحديث عن إعدامات ميدانية وعمليات تخريب وسرقة نفذّتها عناصر فصائل مسلّحة في المحافظة.

دعوة إلى حقن الدم السوري

كان طبيعيًا أن يبادر فنانون سوريون إلى تسجيل موقف أخلاقي ومبدئي مما يحدث، انسجامًا مع قناعاتهم المعلنة وحرصهم المفترض على بلادهم وأهلها إلى أي مكوّن أو منطقة انتموا.

هكذا، حفل فايسبوك وسواه من وسائط التواصل الاجتماعي، بمواقف تشجب ما يحدث وتدعو إلى حقن الدم السوري، تلخصها عبارة النجم قاسم ملحو «دم السوري على السوري حرام، احترامي لكل من يحاول حقن الدماء». وأضاف: «الإنسان السوري قطعة اسفنج تمتصّ كل الأخبار والهموم والأوجاع ولن تخرج منه إلا بالعصر».

النجمة أمل عرفة فضّلت الاكتفاء باستعادة عبارة غسان كنفاني الشهيرة «أتعرفين ما هو الوطن يا صفية؟ الوطن هو ألا يحدث ذلك كله»، من دون إضافة كلمة واحدة إلى منشورها.

أما السيناريست خلدون قتلان، فقد استعاد عبارة من أغنية شارة البداية لمسلسل «سكر وسط» (كتابة مازن طه وإخراج المثنى صبح)، التي كتب كلماتها بنفسه ولحّنها طاهر ماملي وأدّاها حسين عطفة، وتقول «صاروا البشر غربان، ضاعت كل المعاني».

في منشورٍ آخر، كتب قتلان «لا تكن عود الثقاب في زمن البنزين، فبعض الحرائق تبدأ من جهل، وتنتهي بخراب البلاد بأكملها».

حفل فايسبوك وسـواه من وسائط التواصل الاجتماعـي، بمواقف تــشجب مـا يحدث

مع بداية الاعتداءات، كتب قتلان على صفحته «قطرة دم واحدة كفيلة بولادة بحر من الدماء»، مناشدًا من وصفهم بـ «أهل الخير» بـ «حفظ الدم وإيقاف الفتن» لأنّ البلاد «لا تحتمل مزيدًا من المقابر»، خاتمًا منشوره بالعبارة المتداولة «دم السوري على السوري حرام».

النجمة سلاف فواخرجي، والمعروفة بمواقفها الجريئة والواضحة، دعت بدورها إلى «حقن الدماء وتحكيم العقل والضمير»، مشيرةً إلى أنّ «ما نراه على الأرض السورية لا يتحمله قلب ولا عقل»، وأنّ «الأرض السورية جدبت من ريها بالدماء»، مضيفةً «كفى للسوريين أن يقاتلوا ويقتلوا السوريين... لا أحد يريد الانتصار، الجميع يريد الأمان»، خاتمةً منشورها بمناشدة مفتوحة «بالله عليكم، اعقلوا وتوكلوا، وارحموا من في الأرض».

في جبلة كما في السويداء

شارك الممثل بشار إسماعيل على صفحته مقطع فيديو يظهر أحد المشاركين في الاعتداءات على أهالي السويداء، ويشير المنشور إلى أن الشخص نفسه سبق أن ظهر أثناء مجازر الساحل السوري، مطلقًا عبارة «كان هناك مدينة اسمها جبلة»!

تساءل المنشور «أليس من المفروض أن يكون هذا الشخص محتجزًا تحت التحقيق بشأن ما ارتكبه من مجازر، أم ترغبون من الاستفادة من خبرته في مجازر جديدة؟».

السيناريست الشاب فادي حسين استعاد في منشوراته عبارات للكاتب السوري ممدوح عدوان، فكتب على فايسبوك «إنّ البلاد التي أنجبت قاتلين لنا أنجبتنا لهم جثثًا وحشودًا، فصرنا جنائز رائعة».

أما السيناريست جورج عربجي، فقد كتب تعليقًا على الفيديو الذي يظهر إقدام معتدين على حلاقة شاربي رجل طاعن في السن «لا يهين الإنسان إلا من كان مهانًا بداخله، ولا يهين رجلًا طاعنًا في السن إلا من حمل بداخله شيطانًا رجيمًا»، مضيفًا «حاملو المقصات، لن نحترمكم يومًا، ولن نثق بكم حتى لو خرجت من أفواهكم النجسة زهور وفراشات».

بدوره، استعاد السيناريست حسن م يوسف نصيحة القائد صلاح الدين الأيوبي لابنه «اكسب قلوب شعبك وأمرائك ووزرائك... إنّ ما وصلت إليه كان باللطف والمراضاة! واحذر من سفك الدماء، ولا تطمئن إليه، فالدم المسفوح لا ينام».

بطبيعة الحال، لم يكن غريبًا في ظل الظروف الحالية وسقف الحريات الموجود في سوريا اليوم، اكتفاء الفنانين والكتّاب بإدانة المجازر والاعتداءات التي تجري على أساس طائفي صريح، من دون الإشارة بشكل صريح إلى هوية منفذيها.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد