اوراق مختارة

ثقة هزيلة.. لحكومة معدومة الهيبة!.. 

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
    
ثقة هزيلة نالتها حكومة نواف سلام بـ 69 صوتا، أي بالنصف زائدا خمسة نواب، فيما حجبها تسعة نواب من تكتل لبنان القوي وإمتنع عن إعطائها أربعة، وغاب عن التصويت 46 نائبا أي ما يعادل أكثر من ثلث عدد المجلس إما لفقدان الأمل بالحكومة أو لعدم المبالاة، أو منعا للإحراج، أو لتسجيل موقف.

وما يدعو للإستغراب الى حدود السخرية، أن من جدد ثقته بالحكومة “لم يترك عن سترها مغطي”، حيث أحتل نحو 55 نائبا شاشات التلفزة على مدار يومين وراحوا يجلدون الحكومة ورئيسها على تقصير هنا وعدم وفاء بإلتزامات هناك، وعجز عن تنفيذ بنود البيان الوزاري هنالك، كما أمعنوا في تحريض اللبنانيين عليها، ودخلوا في إشتباك كلامي بين بعضهم البعض وصولا الى التدافع بسبب محاولات تسجيل النقاط والغمز من قناة هذا الفريق أو ذاك، وبعد كل ذلك أعلنوا بالفم الملآن تجديد الثقة بالحكومة بإستثناء نواب تكتل لبنان القوي الذين كانوا أكثر إنسجاما مع أنفسهم.

وشكل النائب جورج عدوان فاصلا ترفيهيا في ختام الجلسة، خصوصا أنه شن هجوما عنيفا على حكومة نواف سلام متهما إياها بشتى الاتهامات لا سيما على صعيد عدم نجاحها في سحب سلاح المقاومة وتقصيرها في القيام بالواجبات التي تحاكي رغبات المجتمع الدولي، علما أن عدوان ممثلا بالحكومة بأربعة وزراء، وكان الأجدى به بدل الاستعراض والعنتريات على منبر مجلس النواب أن يدفع وزراء القوات الأربعة الى الضغط من داخل الحكومة، لكن يبدو أن القوات لم تغير عادتها في ممارسة الحكم والمعارضة في آن واحد والضحك على ذقون المواطنين بكلام عالي النبرة في العلن، منخفض داخل مجلس الوزراء، وصولا الى تشدق عدوان بالتأكيد على تجديد الثقة بالحكومة بعد أن طلب النائب جبران باسيل طرحها بها.

من شاهد الساعات الـ11 من المداخلات النيابية في وجه الحكومة ورئيسها وبعض وزرائها، لاحظ أنه أمام سلطة تنفيذية معدومة الهيبة داخليا وخارجيا، عاجزة عن القيام بأي إنجاز، وليس لديها أجوبة كافية ووافية، حتى أن رد رئيس الحكومة جاء إنشائيا ضعيفا، وهو لم يتوان عن ضرب جهود الحكومة السابقة في ملف النازحين السوريين، حيث قدمت رؤية وطنية متكاملة بآليات قابلة للتنفيذ وحصلت على تأييد وموافقة كل التيارات السياسية ومفوضية اللاجئين والأمم المتحدة، حيث أكد الرئيس نواف سلام أن حكومته وضعت خطة للنازحين لأول مرة منذ العام 2014 ضاربا بعرض الحائط أيضا الجهد الذي بذله وزير الشؤون الاجتماعية في عهد حكومة الرئيس تمام سلام النقيب رشيد درباس، ما يدل عن عجز فاضح عن الانطلاق بالعمل الحكومي كما يجب بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على نيل هذه الحكومة الثقة.

لا شك في أن الحكومة فشلت في إستمالة المجتمع الدولي لتقديم الدعم الذي وُعد به لبنان، وهي حتى الآن تتلقى الشروط والاملاءات التي بدل أن تحقق الاصلاح والإنقاذ، تؤدي الى إفقار لبنان وضرب سيادته وكرامته الوطنية، خصوصا أن كل ما وعدت الحكومة بتحقيقه ذهب أدراج الرياح من أموال المودعين، الى هيكلة المصارف، الى زيادة التغذية الكهربائية، الى تحسين واقع القطاع العام، وإعطاء الدفع القوي للقطاع الخاص، الى الملف الصحي والقضايا البيئية وأزمة النفايات ومطار القليعات، في وقت تلجأ فيه الحكومة الى شماعة سحب السلاح، حيث ترهن مصير لبنان واللبنانيين به، علما أن السلاح هو مسألة إستراتيجية قد ترتبط بتسويات المنطقة ككل، بينما الخدمات اليومية للمواطنين لا يمكن تأخيرها أو تبرير الفشل في تحقيقها بأي سبب أو عذر.

إذا، فقد جدد 69 نائبا الثقة بالحكومة ليس لإقتناعهم برد رئيسها أو بإمكانية أن تحسن من آدائها، بل لعدم إيقاع البلاد في فراغ حكومي، ولعدم القدرة على تشكيل حكومة جديدة على مسافة عشرة أشهر من الانتخابات النيابية، ولعدم ضرب العهد في بداية إنطلاقته، وما دون ذلك فإن المجلس النيابي والشعب اللبناني برمته غير راضين عن آداء الحكومة التي تصح فيها الآية الكريمة “كبُر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون”!..

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد