أوراق سياسية

ضغط أميركي يواكب الرد الإسرائيلي!

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
  
كلما ارتفع مستوى الوفود الأميركية الزائرة للبنان، كلما ازداد حجم الضغوط على الدولة اللبنانية للسير بورقة توم برّاك التي أقرتها الحكومة بما في ذلك السير بحصرية السلاح، والقبول بالشروط "الإسرائيلية" التي يتضمنها رد ""تل أبيب"" الذي يُفترض بالمبعوث الأميركي أن يعرضه يوم غد الثلاثاء على الرؤساء جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام. 

وعلى قاعدة أن “الرسالة تُقرأ من عنوانها”، يبدو أن توم برّاك بات محرجا في إبلاغ الرؤساء الثلاثة بمضمون الرد "الإسرائيلي"  الذي قد يتعاطى مع لبنان بمنطق الرابح الذي يحق له فرض شروطه الكاملة، لذلك فقد استعان بأعضاء من مجلس الشيوخ تمهيدًا لزيارته، وبوفد عسكري رفيع يرافقه ومن ضمنه السيناتور ليندسي غراهام المقرب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وذلك لتمرير الرد "الإسرائيلي"  تحت مظلة أميركية معطوفة على وعود بالنهوض الاقتصادي والمساعدات المالية وإعادة الإعمار لتغطية "السماوات بالقباوات" وتقديم الغطاء السياسي الأميركي للشروط "الإسرائيلية".

ولا شك في أن تأخير إصدار قرار مجلس الأمن حول التمديد لقوات اليونيفل بطلب فرنسي بعد التشاور مع الأميركيين إلى يوم الجمعة المقبل، يدخل في إطار مضاعفة الضغوط على لبنان بالتزامن مع تقديم باراك الرد ال"إسرائيلي".

بمنطق الأمور، ليس من المفروض أن تضع "إسرائيل" أية شروط، خصوصًا أن حكومة نواف سلام وافقت على ورقة توم برّاك من دون تعديل أو مناقشة ونالت عليها تهنئة العديد من المسؤولين الأميركيين، وحظيت بإشادة من "إسرائيل"، حتّى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أكد أننا “ساعدنا الحكومة اللبنانية في الوصول إلى خطوة قرار حصرية السلاح”، وهذا يعني أن قرار الحكومة اللبنانية نال رضى الأميركي و"الإسرائيلي"  على حد سواء ولم يعد لديهما سوى تقديم خطوات إيجابية تجاه ما قدمه لبنان.

لم تكن مستغربة التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن شروط "إسرائيلية" تطلب تفريغ ١٤ بلدة جنوبية من سكانها وتحويلها إلى منطقة صناعية، خصوصًا أن المنطقة العازلة التي تسعى إليها "إسرائيل" ليست سرا بل هي أعلنت عنها أكثر من مرة، في ظل تجاهل الحكومة اللبنانية التي يبدو أنها تتعاطى مع العدوّ بكثير من حسن النوايا، وهي أصدرت القرارين القاضيين بحصرية السلاح وبالالتزام بالورقة الأميركية في الخامس والسابع من آب، وحتّى اليوم تصعد "إسرائيل" من اعتداءاتها ومن انتهاكاتها للسيادة اللبنانية، من الغارات إلى الاغتيالات إلى التوسع نحو نقاط سادسة وسابعة إلى جولة رئيس أركان الجيش "الإسرائيلي"  في الجنوب وتأكيده أن لا تراجع عما تقوم به "إسرائيل".

كل ذلك، والحكومة اللبنانية تصم آذانها عما يجري ولا تحرك ساكنا، وصولًا إلى عدم إصدارها أي بيان استنكار أو إدانة للعدوان أو تقديم شكوى إلى مجلس الأمن، وكانت الطامة الكبرى صمتها المطبق والمريب عن تصريحات نتنياهو حوّل المهمّة التاريخية والربانية من أجل "إسرائيل" الكبرى، وهذا يؤكد أن ما تقوم به "إسرائيل" في لبنان هو عملية عدوانية استيطانية منظمة ومخطّط لها وتريد من حكومة لبنان أن تصادق عليها تحت الضغط الأميركي.

في غضون ذلك، تستمر المقاومة على موقفها في رفضها تسليم رصاصة واحدة في ظل عدم احترام الحكومة لأولويات خطاب القسم وبيانها الوزاري ورضوخها للشروط "الإسرائيلية" الأميركية، وقد سمع مستشار رئيس الجمهورية أندريه رحال ذلك صراحة من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد.

في حين تقول مصادر سياسية مطلعة: "إن الرد "الإسرائيلي"  في حال تضمن شرط المنطقة العازلة وتعاطى مع لبنان بمنطق المهزوم، فإن قرارات الحكومة يُفترض تكون بحكم الملغاة، وبالتالي العودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار والى الأولويات التي وردت في خطاب القسم والبيان الوزاري، وكلّ  ما عدا ذلك سيكون تفريطا بالأرض والسيادة والكرامة الوطنية".

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد