اوراق مختارة

الصحافيون في غزة... حياة على وقع الموت

post-img

علاء الحلو/ العربي الجديد

يعيش الصحافيون في غزة على وقع الموت اليومي منذ بدء حرب الإبادة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ورغم ارتفاع عدد الشهداء إلى 246 من العاملين في القطاع الإعلامي، لا يزال كل يوم يحمل صدمة وغضبًا وحزنًا عند الصحافيين والمصورين الفلسطينيين.

كان الاحتلال ارتكب آخر مجازره ضد الصحافيين الفلسطينيين أول من أمس، في استهداف مباشر لمبنى داخل مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد خمسة صحافيين ومصورين، قبل أن يلتحق بهم صحافي سادس داخل خيمة نزوحه غرب المدينة.

باستشهاد الصحافيين الستة، ارتفع عدد شهداء الصحافة في غزة إلى 246 شهيدًا منذ بداية حرب الإبادة الجماعية، قُتلوا خلال تغطياتهم الميدانية أو نزوحهم مع أسرهم، أو حتى أثناء نومهم في الخيام الهشّة والمنازل المهدّمة.

أثارت الجريمة غضبًا عارمًا بين الصحافيين الفلسطينيين، خصوصًا أنّ الشهداء كانوا يرتدون الخوذ والسترات الصحافية المميّزة والمعترف بها دوليًا. وسارعت الكتل الصحافية إلى استنكار الجريمة، فيما فتحت نقابة الصحافيين الفلسطينيين بيت عزاء في مركز التضامن الإعلامي غربي مدينة غزة. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور الشهداء مرفقة بعبارات النعي والشجب، ومواقف شخصية جمعتهم بزملائهم، في وقتٍ تصاعدت فيه الدعوات إلى ملاحقة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية ووقف حرب الإبادة التي "لا تفرّق بين صغير وكبير، أو بين حجر وشجر".

أدى الاستهداف المباشر للطواقم الإعلامية داخل مجمع ناصر الطبي إلى استشهاد: مصور تلفزيون فلسطين ووكالة رويترز حسام المصري، ومصوّر قناة الجزيرة محمد سلامة، ومراسلة إندبندنت عربية ووكالة AP مريم أبو دقة، ومراسل شبكة NBC الأميركية معاذ أبو طه، ومراسل شبكة قدس فيد أحمد أبو عزيز، ومراسل صحيفة الحياة الجديدة، الذي أصيب داخل خيمته متأثرًا برصاص الاحتلال حسن دوحان.

يصف الصحافيون المجزرة بأنّها "جريمة مركبة" تستهدف الصحافة بشكل مباشر، وتهدف إلى إرهاب الصحافيين وإسكات صوت الحقيقة، ومنع نقل صور الانتهاكات اليومية بحق المدنيين والمستشفيات والمنازل الآمنة.

المراسلة الصحافية أنسام القطاع عبّرت عن صدمتها من استشهاد زملائها الستة، معتبرة أن استهداف الصحافيين يقترب من أن يصبح "سياسة ممنهجة" مع اقتراب الحرب من إتمام عامها الثاني.

كما تقول القطاع: "الاحتلال يستهدف حُرّاس الحقيقة بشكل مباشر رغم الشارات المميزة، من خوذة ودرع. بتنا على قناعة بأن الدرع لم يعد يحمي الصحافي من القتل، بعد أن ضرب الاحتلال الإسرائيلي بكل المواثيق الدولية عرض الحائط". وأضافت أنّ الصحافيين "يعيشون في قلب دائرة الاستهداف" رغم نصوص القانون الدولي الإنساني التي تفرض توفير الحماية لهم.

ترى القطاع أنّ مأساة استشهاد الصحافية مريم أبو دقة تعكس عمق المعاناة الإنسانية للصحافيين في غزة؛ إذ أخرجت مريم طفلها من القطاع لحمايته من الموت، لكنها دفعت حياتها ثمنًا لتأدية واجبها المهني. وتضيف: "الاحتلال لم يقتل مريم فقط، بل قتل ابنها بعد حرمانه من أمه، وقتل والدها بعد حرمانه من ابنته".

ترى أنّ استهداف الصحافيين هو محاولة للانتقام من التغطية الميدانية المكثفة التي "فضحت جرائم الحرب"، ومنها فضيحة المجاعة في غزة التي دفعت الأمم المتحدة إلى التحذير من وصول القطاع إلى "مجاعة حقيقية" في وقت يسعى فيه الاحتلال إلى طمس هذه الحقيقة عبر ملاحقة من يكشفونها.

المحررة الصحافية في شبكة نوى، شيرين خليفة، عبّرت لـ"العربي الجديد" عن صدمتها من استشهاد الصحافيين الستة: "كانوا يُستهدفون بشكل مباشر، دون التفات إلى طبيعة عملهم. كانت مريم أبو دقة مهنية ونشيطة وصاحبة بصمات واضحة، بينما كان حسن دوحان أكاديميًا مميزًا في أخلاقيات المهنة".

يروي مصور تلفزيون فلسطين محمد أبو جراد لـ"العربي الجديد" أنّه تلقى خبر استشهاد زميله حسام المصري بحزن عميق: "تعلمت منه أساسيات التصوير حتى أتقنته. كان متواضعًا، طيب القلب، ومحبًا للجميع. فقدناه وفقدنا معه جزءا من ذاكرتنا المهنية"

يضيف أنّ استهداف زملائه، من محمد أبو حطب إلى خالد المدهون وصولًا إلى حسام المصري، يضاعف الألم اليومي الذي يعيشه الصحافيون في غزة.

 

 

 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد