غسان ريفي (سفير الشمال)
أن يختار رئيس مجلس النواب نبيه بري الحديث عن بركة ولادة السيدة مريم العذراء بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في قصر بعبدا، فهو تأكيد منه على ضرورة إسقاط ما تمثله من عناوين المحبّة والتلاقي والحوار على الجو السياسي الداخلي الذي أعيد إلى مساره الطبيعي بعد جلسة الحكومة في الخامس من أيلول الجاري، فضلًا عن التأكيد على إيجابية اللقاء مع الرئيس عون الذي بالرغم من قرارات جلستيّ الخامس والسابع من آب لم ينقطع التواصل معه بهدف تعزيز الترابط اللبناني - اللبناني وهدم الجدار الذي رفعته مقررات الجلستين.
لا شك في أن ما خلصت إليه جلسة الخامس من أيلول لم يكن وليد صدفة أو ابن ساعته، بل جاء ثمرة جهود كلّ من الرئيسين عون وبري ومعهما قائد الجيش العماد رودولف هيكل والتي أنتجت تسوية لا تلغي قرار حصرية السلاح ولا تكسر المقاومة وتثبّت سيادة لبنان في العودة إلى الحجر الأساس المتمثل في اتفاق وقف إطلاق النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني الفائت والذي حاولت ورقة المبعوث الأميركي توم برّاك الإطاحة به لمصلحة فرض التنازلات على لبنان وعدم ممارسة أي ضغط على "إسرائيل" للقيام بأي خطوة مقابل الخطوات اللبنانية.
لذلك، فقد وصف الرئيس بري قرارات جلسة الخامس من أيلول بالإيجابية واعتبر أنها “أزالت الرياح السامة التي هبت على لبنان” الذي بطبيعة الحال لا يمكن له أن يواجه الغطرسة "الإسرائيلية" بجبهة داخلية متصدعة، حيث إنصبت الجهود على أن تعيد المقررات الحكومية ترميم هذه الجبهة بتوافق كلّ الأطراف على خطة الجيش التي تحتاج إلى إزالة كلّ المعوقات من أمامها لتسلك طريق التنفيذ وفي مقدمها العدوان "الإسرائيلي" المستمر.
وجاء لقاء الرئيس بري مع قائد الجيش العماد رودولف هيكل ليصب في هذا الإطار، وهو أي هيكل عبر عن ذلك بالتأكيد على انه “دائمًا راض عن الوضع الداخلي”.
وتشير المعلومات إلى أن العماد هيكل وضع الرئيس بري في أجواء اجتماع لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار في الناقورة بعد غياب دام لشهور والعمل الجاري على تفعيل عملها وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي وجد الجميع أن العودة إليه بات ضرورة قصوى، كما وضع العماد هيكل الرئيس بري في أجواء تنفيذ الجيش للخطة التي ما تزال في مرحلتها الأولى في جنوب الليطاني، والعراقيل التي تواجهها، وبحسب المعلومات فإن الرئيس بري أبلغ هيكل دعمه الكامل للجيش، وأكد على تعاون الثنائي الكامل معه.
وتشير المعلومات إلى أن رئيس الحكومة نواف سلام سيزور اليوم الرئيس بري في عين التينة بهدف وصل ما إنقطع بعد جلستيّ الخامس والسابع من آب وإعادة المياه إلى مجاريها بين الرئاستين خصوصًا أن أزمات لبنان لا تقتصر على ملف حصرية السلاح، بل هناك العديد من الملفات التي تتطلب تعاونا كاملًا بينهما على صعيد مشروع معالجة الفجوة المالية وقانون الانتخابات وغيرهم، فضلًا عن البحث في كيفية تطبيق اتفاق الطائف الذي يتضمن الكثير من البنود الإصلاحية التي آن الأوان بعد سبعة أشهر أن تنتقل الحكومة من مرحلة التنظير إلى مرحلة وضع آليات التنفيذ.
يمكن القول إن لقاء الرئيس بري مع الرئيس عون ومع العماد هيكل واليوم مع الرئيس سلام، يؤكد أن مسار التلاقي والحوار قد سلك طريقه لمقاربة كلّ القضايا الخلافية بهدف صون الوحدة الوطنية وتجنيب لبنان التوترات، لكن يبدو أن بعض المتضررين من هذه الأجواء الإيجابية ما زالوا يحاولون ضربها بمواقف عالية السقف من التحريض وإثارة الغرائز والنفخ في بوق الفتنة التي تعتبرها الأكثرية الساحقة من اللبنانيين خط أحمر، ما يؤكد أن هؤلاء يسيرون نحو العزلة بعد فشل المشروع الذي عملوا عليه خصوصًا بعد جلستيّ شهر آب المنصرم!..