اوراق مختارة

«المالية» تُدفّع اللبنانيين ثمن إقفال العقاريات!

post-img

ندى أيوب (جريدة الأخبار)

أثار قرار وزير المالية ياسين جابر المتعلق بالمعاملات العالقة في السجلات العقارية منذ عامي 2021 و2022 جدلاً واسعاً، ومطالبات بالعدول عنه. وينص القرار على أن يوم 30 أيلول الجاري هو المهلة الأخيرة أمام أصحاب المعاملات لتسديد جميع الرسوم والمبالغ المتوجبة عليهم وفق سعر صرف 1500 ليرة، على أن تُودَع الإيصالات في أمانات السجل العقاري مع استكمال المستندات المطلوبة لإتمام المعاملة وإزالة أي موانع عن الصحيفة. وبعد هذا التاريخ، سيُفرض تلقائياً على أصحاب العلاقة تسديد المستحقات وفق سعر الصرف الجديد البالغ 89 ألف ليرة.

يعود سبب الاعتراض إلى أنّ القرار ساوى بين جميع أمانات السجل العقاري، أي بين تلك التي أُقفلت لأكثر من عام ونصف عام، وتلك التي واصلت عملها بشكل طبيعي، من دون التمييز بين الحالتين. وهو ما اعتبره المعترضون ظلماً بحق أصحاب المعاملات غير المنجزة في بعض العقارات، إذ لا يمكن تحميلهم كامل المسؤولية عن التأخير، ليُجبروا على تسديد رسومٍ تتضاعف قيمتها 59 مرّة (من 1500 ليرة إلى 89 ألفاً).

ويُشار إلى أن أمانات السجل العقاري في بعبدا والشوف وعاليه والمتن وجونيه وجبيل أُقفلت منذ أواخر 2022 على خلفية تحقيقات قضائية في ملفات فساد طاولت عمل هذه العقاريات، وتوقيف نحو مئة موظف. وفي منتصف آذار 2024، مع إعادة فتح أبوابها بشكل تدريجي وجزئي، كانت هناك عشرات آلاف المعاملات العالقة في كل أمانة، بالتزامن مع بلوغ الشغور الوظيفي نحو 73% في الدوائر العقارية. وبعد أربعة أشهر من استئناف العمل يومين في الأسبوع وبكادر لا يزيد على ربع الموظفين، اندلع عدوان أيلول 2024، فأقفلت الدوائر مجدداً لمدة شهرين.

ومع عودة العمل في العقاريات منذ كانون الثاني 2024 وحتى نهاية أيلول الجاري، تكون قد مرّت عشرة أشهر اعتبرها جابر مهلة كافية لإنجاز المعاملات من قبل الموظفين، ولإتمام الأوراق الناقصة ودفع المستحقات من قبل أصحاب الشأن، في حين أن هذه الفترة لم تشهد انتظاماً حقيقياً للعمل بسبب الشغور الوظيفي.

فحتى فترة قريبة، كان 125 أستاذاً من ملاك التعليم الأساسي والمهني يتدرّبون للعمل كمحررين وكتّاب ومدخّلي بيانات في الدوائر العقارية. كما إن عدداً من الدوائر العقارية غير قادر على استيعاب كميات كبيرة من المعاملات، لذا تعتمد مديرية الشؤون العقارية نظام تقسيم أيام العمل: يوما الثلاثاء والأربعاء لمراجعات المواطنين للمعاملات العالقة، يوم الخميس لتقديم معاملات جديدة، ويوما الإثنين والجمعة للعمل الإداري الداخلي. وبحسب المعطيات، تُعد أمانتا سجلّ المتن وعاليه من أكثر العقاريات ضغطاً، سواء من حيث عدد المعاملات المتراكمة أو الجديدة.

بعد التحقيقات القضائية وإخلاء سبيل الموظفين بكفالات مالية، كان من الضروري وضع خطة لإعادة الدوائر العقارية إلى كامل فعاليتها. غير أن الفترة الطويلة نسبياً من عدم الانتظام خلقت إرباكات قانونية ومالية، حرمت خزينة الدولة من إيرادات مهمة، ستُلقى الآن على كاهل المواطنين أعباء مالية ليسوا مسؤولين عنها.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد