أوراق ثقافية

البيت الروسي في العراق.. نافذة لتعليم اللغة العربية وتعزيز الحوار الثقافي بين روسيا والعراق

post-img

في إطار تعزيز التعاون الثقافي والأكاديمي بين روسيا والعراق، أطلق "البيت الروسي في العراق" برنامجا ثقافيا ولغويا متكاملًا موجّهًا للطلاب الروس وغير الناطقين بالعربية.

لم يقتصر البرنامج على الدروس النظرية، بل اعتمد على الممارسة الحية للغة العربية من خلال الانغماس في البيئة المحلية، والتفاعل مع المجتمع العراقي، والمشاركة في أنشطة ثقافية وروحية عميقة.

رحلات ثقافية وروحية

في بداية البرنامج، زار الطلاب مدينة النجف الأشرف، حيث استكشفوا مسجد الكوفة وضريح الإمام علي (عليه السلام). هذه الزيارة لم تكن مجرد جولة سياحية، بل كانت تجربة روحية وثقافية غمرتهم في جوّ العراق الديني والتاريخي، وساعدهم على فهم السياق الديني واللغوي من خلال التفاعل المباشر مع السكان المحليين.

كما توجّهوا إلى بابل القديمة، إحدى عجائب العالم القديم، حيث شاركوا في ورشة فنية مع الفنان العراقي المعروف صفاء السعدون، تعلّموا خلالها أساسيات الخط العربي، وجرّبوا بأيديهم جماليات هذا الفن العريق، ما عزّز تقديرهم للغة العربية كأداة تعبيرية وجمالية.

وزيارة كربلاء المقدسة شكّلت محطة محورية في البرنامج، حيث تعرّف الطلاب على البُعد الديني العميق في الذاكرة العراقية، واستمعوا إلى الصلوات والخطب بالعربية، ولاحظوا الإيماءات والنبرات التي ترافقها، مما ساعد على تعميق فهمهم للغة في سياقها الحي والواقعي.

تعليم متخصص ونتائج ملموسة

على الصعيد الأكاديمي، تلقّى الطلاب دورات مكثفة في اللغة العربية الفصحى بإشراف الدكتور علي الخالدي، ركّزت على المفردات، القواعد، والأساليب اللغوية. وقد حقق المشاركون تقدمًا ملحوظًا، جعلهم مؤهلين للعمل مستقبلاً بصفة مترجمين أو مستشرقين يفهمون الثقافة العربية من الداخل، وليس فقط من خلال الكتب.

حوار بين الحضارات

تزامن البرنامج مع زيارة لـ مؤسسة الإمام الحسين (عليه السلام) للحوار وبناء السلام، حيث التقى الطلاب مع شخصيات دينية بارزة مثل سماحة السيد عز الدين الحكيم وسماحة الشيخ الأمين أحمد الصيمري. ودارت نقاشات حول سبل تعزيز التعاون الثقافي والأكاديمي، وأهمية مدّ جسور الحوار بين الحوزة العلمية في النجف والكنيسة الأرثوذكسية الروسية، بهدف بناء تفاهم أعمق بين الشعوب.

كما قدّم الطلاب أبحاثًا علمية تعكس عمق اهتمامهم بالروابط التاريخية والثقافية بين البلدين، منها:

  • بحث بيوتر تيمتشينكو حول تاريخ الحج من الإمبراطورية الروسية إلى العتبات المقدسة في العراق.
  • محاضرة صوفيا غولتيايفا حول أوجه التشابه التاريخي بين روسيا والعراق.

نافذة حقيقية للحوار الإنساني

هذه التجربة أثبتت أن "البيت الروسي في العراق" ليس مجرد مركز ثقافي تقليدي، بل هو نافذة حية لتعليم اللغة العربية، وتعزيز التبادل الأكاديمي، وبناء جسور الحوار الإنساني بين روسيا والعراق. من خلال الانغماس في الثقافة المحلية، والتفاعل مع التقاليد والروحانيات العراقية، أصبح البرنامج نموذجًا رائدًا في التعليم متعدد الثقافات والحوار البنّاء بين الأمم.

بهذه المبادرة، يواصل البيت الروسي في العراق دوره كمنصة فاعلة لنشر المعرفة، وبناء التفاهم، وتعميق الروابط الإنسانية بين الشعبين الروسي والعراقي.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد