أوقفت السلطات المصرية نحو 40 صانع محتوى على الأقل في أغسطس/ آب الماضي، بسبب منشورات على الإنترنت، ولا سيّما "تيك توك"، تصفها بأنها "خادشة للحياء وتحثّ على الفجور"، بحسب تقرير صادر عن "هيومن رايتس ووتش" الأربعاء.
بين نهاية يوليو/ تموز ونهاية أغسطس، أوقفت السلطات في مصر أو قاضت "ما لا يقل عن 29 شخصًا، بينهم 19 امرأة على الأقل وطفل واحد، بينما سجلت تقارير إعلامية وحقوقية موثوقة ثماني حالات أخرى"، وفقًا لـ"هيومن رايتس ووتش"، ووجهت إليهم تهمًا "غامضة"، مثل انتهاك الآداب العامة وتقويض القيم الأسرية وغسل الأموال عن طريق نشر مقاطع تقول السلطات إنها "خادشة للحياء". وتتضمن حسابات الموقوفين التي ما زالت بغالبيتها متاحة، محتوى متنوّعًا يشمل مقاطع راقصة أو محتوى كوميديا وفيديوهات "مزامنة الشفاه" وإعلانات لمستحضرات تجميل منخفضة التكلفة ومقاطع من الحياة اليومية.
يرى الباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، عمرو مجدي، أن "حملة السلطات المصرية ضد صانعي المحتوى على الإنترنت تهدف إلى قمع آخر فسحة لحرية التعبير في البلاد". كما اعتبر تلك التدابير "جزءًا من محاولة الحكومة المستمرة لتجريم جميع أشكال التعبير التي لا تتوافق مع رؤيتها السياسية أو الاجتماعية".
جاءت سلسلة التوقيفات بعد شكوى تقّدم بها 32 محاميًا، اعتبرت أن تسجيلات الفيديو تشكل خطرًا على جيل الشباب، من دون أي توضيح. وتسمح القوانين في مصر للمواطنين بتقديم بلاغات ضد أفراد لما يعتبرونه "جرائم" تؤثر على السلامة العامة أو الأخلاق، بحسب "هيومن رايتس ووتش". فيما تعود للنيابة العامة سلطة البت فيما إذا كانت ستواصل التحقيق وتوجيه الاتهام.
تستند التهم في معظمها إلى قانون يعود للعام 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وتعتبر "هيومن رايتس ووتش" أنه "إحدى الأدوات الرئيسية لتجريم حرية التعبير في السنوات الأخيرة".
من بين الموقوفين، طفلة تبلغ 16 عامًا تدعى نور تفاحة اتُّهمت بنشر مقاطع "مخلة للآداب" لها وهي ترقص، وقضت محكمة الأحداث بحبسها لمدة عامين بتهمة التحريض على الفسق والفجور، بحسب وسائل إعلام محلية. كذلك، أمرت النيابة بحبس صانعي المحتوى سوزي الأردنية ومحمد عبد العاطي بتهم غسل الأموال ونشر محتوى "خادش"، ويحظى كلاهما بملايين المتابعين.
رأت "هيومن رايتس ووتش" أن "استهداف الفتيات والنساء على أساس طريقة لباسهن أو ممارستهن لأنشطة مثل الرقص، يجسد الطبيعة التمييزية للحملة"، فيما لقيت التوقيفات ترحيبًا من وسائل الإعلام القريبة من الحكومة. وطالبت المنظمة السلطات المصرية بالإفراج "فورًا ومن دون شروط عن جميع المعتقلين لممارستهم حقهم في حرية التعبير عبر الإنترنت، وأن تُسقط التهم الموجهة إليهم.. وإلغاء جميع القوانين التي تقيّد الحق في الخصوصية وحرية التعبير وحرية المعتقد باسم الأخلاق".