جعفر سليم/ كاتب وإعلامي
بعد انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لولاية ثانية؛ سئل عن برنامج سياسة إدارته لمنطقة غرب آسيا (الشرق الأوسط)، فأجاب بالعمل على "تحقيق السلام بالقوة"، مؤكدا رفضه للحرب في أي مكان من العالم. كذلك؛ أكد سعيه لإحلال السلام بهدف الحصول على جائزة نوبل للسلام.
هذا في التصريحات الكلامية. أما في الأفعال؛ فقد شارك في سلسلة من الحروب، والتي أعطى الضوء الأخضر إشعالها، وقد لا تنتهي بانتهاء ولايته كما حصل مع رؤساء أميركيين سابقين أشعلوا فتيل الحروب في عدد من البلدان، في مختلف القارات، حتى وصل الأمر في الأوساط السياسية إلى حد التساؤل بسخرية: لماذا لا يوجد حرب في واشنطن؟ ليأتي الجواب: لأنه لا يوجد سفارة أميركية هناك..!
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية؛ أُعلن عن قيام "دولة إسرائيل"، في العام 1948، بقرار من الأمم المتحدة واعتراف عدد من دول حلفاء الحرب بهذا الكيان المصطنع، ليكون ثكنتها العسكرية ويدها الغليظة في منطقتنا لفرض نفوذها وسلطتها، وليؤمن هو حماية مصالحه وتحقيق أهدافه التلمودية بالتوازي مع استكمال نهب ثروات منطقتنا طوعًا، في هذه الأيام، كما حصل في زيارة ترامب الأخيرة، بعد أن كانت بالإكراه.
اليوم؛ يعتقد الكيان الصهيوني أن الدعم الغربي الحالي له فرصة قد لا تتكرر لتحقيق أهداف مخرجات المؤتمرات الصهيونية، ومنها "إسرائيل الكبرى"، والمذكورة- بحسب زعمهم في توراتهم أي "ارض الميعاد"- على حساب الأراضي العربية وصولاً إلى خيبر في المدينة المنورة. وهذا ما أكدته رئيسة وزراء العدو "غولدا مائير" عقب عدوان حزيران في العام 1967، عندما وقفت على شاطئ خليج العقبة المطل على بلاد الحجاز وقالت: "إني أشمّ رائحة أجدادي في خيبر".
تصريحات الرؤساء الأميركيين الرنانة عن قيام دولة فلسطينية نوردها لإنعاش ذاكرة من يروّجون لكذبهم، بالكذب الواضح والصريح من عرب ومسلمين منخرطين، بوعي وإدراك، في مشروع إسرائيلي في حروب الإبادة بزعامة أميركا. وأحد أسلحتها استخدام ما يسمى "حق النقض"، قبل أيام قليلة في الأمم المتحدة للمرة السادسة، منذ الثامن من تشرين الأول من العام 2023، ضد مشروع قرار يلزم الكيان الصهيوني بوقف الحرب.
1. الرئيس جيمي كارتر(1977-1981) في مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض، في 26-3-1977، قال: "من حق الفلسطينيين وطن لهم، وفي التعويض عما فقدوه من ممتلكات وانسحاب القوات الإسرائيلية من أراض محتلة، وحصول إسرائيل على حدود دائمة وآمنة".
2. في العام 1992؛ قال الرئيس جورج بوش (الأب): "يجب علينا جميعًا أن نقيم الدولة الفلسطينية".
3. الرئيس بيل كلينتون ( 1992- 2000): قال "يجب أن تتمخض المباحثات النهائية، بين منظمة التحرير وإسرائيل، إلى قيام دولة فلسطينية".
4. في العام 2003؛ قال الرئيس جورج بوش (الابن): "إني أرى في الأفق دولة فلسطينية".
5. في العام 2009؛ قال الرئيس باراك أوباما: "متمسكون بإقامة الدولة الفلسطينية".
6. الرئيس جو بايدن الذي يفتخر بصهيونيته؛ انضم إلى جوقة الكذب، ودعا أكثر من مرة إلى قيام دولة فلسطينية، شرط أن تكون منزوعة السلاح.
7. في العام 2017؛ الرئيس دونالد ترامب قال: "خطتي هي إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها ضواحي القدس الشرقية".

هناك فائض من النفاق والوعود الكاذبة توجه للأنظمة العربية، تترافق مع لازمة في بيانات البيت الأبيض ووزارة الخارجية وإعلانات الرؤساء الأميركيين حين الترشح والترشيح بـــ"الالتزام الأبدي بأمن إسرائيل"، والذي يُترجم عمليا بالدعم المادي والسياسي والعسكري، ومعها تتقدم مرحلة جديدة من خطط الصهيونية العالمية، منذ العام 1948.
يسعى، اليوم، تحالف الحرب إلى فرض تأسيس "جامعة الشرق الأوسط الجديد"، برئاسة حكومة صهيونية تضم في عضويتها حكومات ناطقة باللغة العربية منزوعة الإرادة، مهمتها إصدار بيانات التنديد والاستنكار والشجب. وفي الوقت نفسه؛ تجدد عقود الابتزاز المالي لبقاء القواعد الأميركية في بلادها لحماية أنظمتها- أي الحكومات- ما يشجع العدو على الاستمرار بحربه في إبادة الشعب الفلسطيني وصولاً إلى أهداف معلن عنها، بكل وقاحة، وأولها احتلال أراض عربية جديدة لتحقيق قيام "إسرائيل الكبرى".
أحد أحفادي قرا لي مقولة للشاعر أحمد مطر؛ والتي تقول: "دخل ذئب حظيرة الخراف؛ فأكل نعجة بيضاء ففرحت الأغنام السوداء، ثم أكل نعجة سوداء، فقالت البيضاء: ذئب عادل. وما يزال الذئب يمارس عدله فيهم حتى اليوم".. وسألني، هل الخراف تتكلم؟ فأجبت، نعم في المؤتمرات والقمم العربية حصرًا، حين يكون الموضوع قضية فلسطين المحتلة..!