أوراق سياسية

اتفاق غزّة: سلام مشروط أم ورقة لتوسيع التطبيع؟

post-img

جو رحال (لبنان 24)

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أواخر أيلول 2025 عن "خطة العشرين بندًا" لإنهاء الحرب في غزّة، تقوم على وقف فوري لإطلاق النار، تبادل شامل للأسرى خلال 72 ساعة، وانسحاب مرحلي للجيش "الإسرائيلي"  مقابل نزع السلاح الكامل لحركة “حماس” تحت إشراف قوة استقرار دولية (ISF). كما تقترح إدارة انتقالية تكنوقراطية بإشراف "مجلس سلام" برئاسة ترامب، مع إشراك شخصيات دولية مثل توني بلير، في ما تُستبعد حماس من أي دور سياسي مباشر.

الشق الاقتصادي يشكّل محورًا أساسيًا؛ إذ تطرح الخطة مشاريع كبرى لإعادة الإعمار، منطقة اقتصادية خاصة، وتسهيلات جمركية، مع احتمال وضع الأصول تحت وصاية مؤقتة تُعرف بـ GREAT Trust. التمويل يُفترض أن يأتي من الولايات المتحدة ودول خليجية وأوروبية، بينما رحّبت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية بالخطة واعتبرتها فرصة لتخفيف معاناة المدنيين.

تفاصيل الاتفاق تشير إلى أن “حماس” مطالبة بالإفراج عن نحو 48 رهينة بينهم 20 على قيد الحياة، مقابل إطلاق "إسرائيل" حوالي 1,950 أسيرًا فلسطينيًا بينهم 250 محكومًا بالمؤبد، إضافة إلى تبادل للأشلاء (15 جثة فلسطينية مقابل كلّ جثة إسرائيلي). وتأتي هذه البنود في وقت تجاوز فيه عدد القتلى الفلسطينيين منذ أكتوبر 2023 حاجز 66 ألفًا، ما يجعل وقف النزيف الإنساني أولوية قصوى.

لكن العقبات كبيرة. ففي "إسرائيل"، يواجه نتنياهو معارضة شديدة من وزراء اليمين المتطرّف رغم دعمه المبدئي للخطة، تحت ضغط عائلات الأسرى المطالبين بوقف الحرب. أما فلسطينيًا، فتدرس حماس الرد وسط مخاوف من إنهاء حضورها العسكري، في ما عبّرت السلطة عن خشيتها من التهميش واعتبرت فصائل مثل "الجهاد الإسلامي" أن الخطة تستهدف المقاومة. مصر وقطر تتحركان لضمان آليات التنفيذ ومنع انهيار المبادرة.

الأخطر أن ترامب ربط الخطة بمسار "اتفاقات إبراهيم" التي انطلقت عام 2020، معتبرًا أن نجاح تسوية غزّة سيعيد إحياء التطبيع مع "إسرائيل" ويفتح الباب لانضمام دول جديدة، وفي مقدمتها السعودية. غير أن الحرب نفسها كانت قد جمدت زخم هذه الاتفاقات، ما يجعل ربطها اليوم أشبه بمغامرة سياسية محفوفة بالتحديات.

وبين رهانات الإعمار ومخاوف التصفية، يبقى السؤال: هل تُخرج خطة ترامب غزّة من حلقة الدم لتصبح نموذجًا لاستقرار إقليمي، أم تسقط كسابقاتها في فخ فقدان الثقة والانقسامات؟

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد