اوراق خاصة

الحكومة تتجاهل وبرّي يتوّعد.. الموازنة لن تمرّ إذا لم تتضمن بند إعادة الإعمار

post-img

حسين كوراني/ موقع أوراق

أقرّ مجلس الوزراء اللبناني مشروع موازنة العام 2026، في 22 من شهر أيلول المنصرم، وسط غياب بند أساسي من المفترض أن يكون في سلم الأولويات الوطنية، وهو المتعلّق بإعادة إعمار الجنوب والتعويض لمن تضررت مصالحهم وأرزاقهم من جراء الاعتداءات "الإسرائيلية" المتواصلة.

بند إعادة الإعمار لا يقل أهمية عن البند المتعلّق بتصحيح الأجور، والذي أهملته الحكومة أيضًا، إذ تقدّر رواتب 300 ألف من موظفي الإدارة العامة والعسكريين في الخدمة الفعلية والمتقاعدين من القطاعات كافة بـ 250 مليون دولار شهريًا، أي ما مجموعه نحو 2.825 مليا دولار سنويًا من أصل 5.650 مليار دولار من بند الرواتب والأجور من مشروع الموازنة. وهكذا تكون حكومة الرئيس نواف سلام "العتيدة" تملّصت من أهم بندين مختصين بمحاربة المواطن في لقمة عيشه واستقراره.

على الرغم من أن حكومة "سلام" وقفت دقيقة صمت في جلستها، في 22 أيلول، على مجزرة بنت جبيل التي استشهد فيها أب وأطفاله الثلاثة وجُرحت زوجه وأبنته قبل يوم واحد في 21 أيلول جرّاء غارة "إسرائيلية"، وأكدت "شجب الاعتداءات "الإسرائيلية" وشد الهمم باتّجاه مزيد من الضغط على "إسرائيل" وعلى الدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية"، إلا أنها تجاهلت ملف إعادة الإعمار ولم تدرجه في جلساتها، والذي يجب أن يكون شغلها الشاغل كونها التزمت به في بيانها الوزاري الذي أعطاه الميثاقية الشعبية والوطنية.

موقف الحكومة هذا، دفع برئيس مجلس النواب نبيه بري إلى رفع السقف عاليًا، اليوم الخميس (9 تشرين الأول)، وتحذيره من أن هذه الخطوة تجعل البعض يتعاطى: "مع الأسف؛ وكأن الجنوب ليس من لبنان"، متسائلًا: "هل يعقل أن لا تقول الحكومة لأبناء القرى الحدودية الذين عادوا لزراعة حقولهم وافترشوا منازلهم المدمرة، مرحبًا!؟".

كلام الرئيس بري هذا جاء حاسمًا أمام زواره في عين التينة، إذ قال: "معقول إن قضية صخرة الروشة أخذت ولا تزال تأخذ كلّ هذا الجدل أكثر مما أخذ ملف إعادة الإعمار من اهتمام"، مشددًا على أن "الموازنة لن تمر إذا لم تكن تتضمن بندًا واضحًا متصلًا بإعادة الإعمار".

لكن التطور اللافت جاء اليوم على لسان وزير خارجية لبنان يوسف رجيّ، والمحسوب على حزب "القوات اللبنانية"، هذا الوزير الذي تجاهل الاعتداءات "الإسرائيلية" على أهل الجنوب خلال الأشهر المنصرمة، وكان دائمًا يضع نفسه في موضع من يسوغ للعدو "الإسرائيلي" أفعاله من قتل وتدمير بحق اللبنانيين. إذ شدد رَجّي، خلال استقباله المدير السياسي لوزارة الخارجية البريطانية كريستيان تيرنر والوفد المرافق، على أن: "لا مسوغ لبقاء إسرائيل في لبنان واستمرار اعتداءاتها وقتلها المدنيين"، داعيًا إلى انسحاب فوري وغير مشروط من الأراضي المحتلّة، ووقف الخروقات اليومية للسيادة اللبنانية". وقال رجيّ: "إن لبنان نفّذ التزاماته بموجب إعلان وقف الأعمال العدائية، في ما لم تلتزم إسرائيل"، مطالبًا المجتمع الدولي بـ"مواصلة الضغط على تل أبيب للإفراج عن الأسرى ووقف انتهاكاتها".

لكن الرئيس بري عاد ليؤكد أنه: "لا تعاف اقتصاديًا في لبنان والوضع في الجنوب على هذا النحو من استمرار للاحتلال وللعدوان ومن عدم مباشرة الحكومة في إعادة الإعمار". وتوجّه إلى بعض سياسيّه بالقول: "الشعب اللبناني الذي احتضن بعضه البعض خلال العدوان الإسرائيلي أثبت أنه أكثر وطنية من بعض سياسييه".

في المحصلة، على الحكومة وكلّ من تُسوّل له نفسه من وزرائها أو من أهل السلطة في لبنان ممن يقفون حجر عثرة امام السعي إلى إعادة اعمار الجنوب وتحرير الأسرى أن يعلموا أن هذا الشّعب العظيم الذي ساند المقاومة على مدى أكثر من أربعة عقود ولم يمل، أقوى من أن يتجاهل أحد مطالبه أو يتعامل معه على أنه مهزوم ومكسور الخاطر، لأن الأوطان لا تبنى إلا بتكاتف أهلها ضدّ كلّ مُعتدِ ظالم.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد