غسان ريفي (سفير الشمال)
اقتربت الانتخابات النيابية المقبلة 2026 من الدخول إلى مرحلة المهل الدستورية، بما يعني إجراءها وفق القانون النافذ على غرار ما حصل في انتخابات العام 2018.
وبالرغم من اقتناع أكثرية التيارات السياسية بذلك وإطلاقها التحضيرات الأولية لهذا الاستحقاق، خصوصًا بعدما حسم الرئيس نبيه بري الموقف بالتأكيد على أن “لا موانع تحول دون إجراء الانتخابات وهي ستكون في موعدها على أساس القانون المعتمد، أي أن عمليات الاقتراع ستحصل في لبنان فقط ومن يريد أن يشارك في الاقتراع من دول الاغتراب يستطيع أن يأتي إلى لبنان وينتخب”، فإن تيارات سياسية متضررة من عدم تصويت المغتربين للنواب الـ 128 ما تزال تمارس الضغوط من أجل إدخال التعديلات على القانون لتأمين مصالحها الانتخابية، خصوصًا أن بعض هذه التيارات تعوّل مع رعاتها الدوليين على هذه الانتخابات لإضعاف الخصوم أو تحقيق خروقات في بعض الكتل النيابية.
قبل يومين أرسل وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي مشروع قانون معجل مكرّر إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لإدراجه على جدول أعمال أول جلسة للحكومة ويقضي بإلغاء المادتين 112 و122 من قانون الانتخابات المتعلّقتين باقتراع المغتربين اللبنانيين واللتين تحصران تمثيلهم بست مقاعد مخصصة للاغتراب، ويؤكد على السماح للبنانيين المقيمين في الخارج باختيار ممثليهم الـ128 في مجلس النواب بحسب دوائر قيدهم,
وطرحت خطوة رجي سلسلة علامات استفهام، خصوصًا أن ليس من صلاحياته إرسال مثل هذا المشروع المعجل المكرّر إلى مجلس الوزراء بل من صلاحيات وزير الداخلية والبلديات، كما أن اقتراحا من هذا النوع يُفترض أن يصدر عن الحكومة مجتمعة إلى مجلس النواب، حيث بدا واضحًا أن الوزير رجي وتنفيذا لتعليمات حزب القوات اللبنانية الذي يمثله أراد أن يُحرج الحكومة وأن يرمي الكرة في ملعبها بهدف الضغط عليها لإدخال التعديلات إلى قانون الانتخاب وفق الهوى القواتي.
وترى مصادر سياسية أن خطوة الوزير رجي تأتي من ضمن الحرتقة السياسية، والتحريض على الحكومة ومجلس النواب معًا، في وقت بدأت فيه كثير من الأحزاب والتيارات تضع الخطوط العريضة لحملاتها الانتخابية وفقًا للقانون النافذ.
وترى هذه المصادر، أن فتح النقاش مجدّدًا في القانون الانتخابي وتعديلاته لن يكون في مصلحة إتمام الاستحقاق، لأن أي خلافات أو انقسامات أو تجاذبات مستجدة قد تؤدي إلى إعادة النظر بكامل بنود القانون ما يجعل إجراء الانتخابات في موعدها أمرا صعبا، فهل تعكس خطوة الوزير رجي إرسال المشروع القانون إلى مجلس الوزراء في هذا التوقيت رغبة حزبه القوات اللبنانية في وضع عراقيل جديدة بهدف تأجيل الانتخابات، خصوصًا في ظل اقتناعه بأن الظروف مؤاتية للحصول على أكثرية نيابية وازنة لكنّها ممنوعة من الصرف السياسي كون هذا المجلس لا ينتخب رئيسا للجمهورية، وبالتالي فإن المصلحة القواتية تقتضي تأجيل الانتخابات ولو لعام واحد.
يبدو واضحًا أن يوسف رجي ومنذ تعيينة وزيرا للخارجية لا ينطق عن إلا عن هوى القوات من لفّ لفها ممن يقولون ما لا يفعلون ويُضمرون غير ما يعلنون خصوصًا في الانتخابات النيابية التي يرى البعض أن إجراءها في مواعيدها ليست في مصلحة الحفاظ على نفوذه السياسي..