رلى إبراهيم (الأخبار)
أقفل رئيس مجلس النواب نبيه بري الباب على تعديل قانون الانتخاب، قبل التوافق في اللجنة الفرعية المُكلّفة بذلك، فانتقلت "القوات اللبنانية" إلى "الخطة ب" التي تقوم على إحالة مشروع قانون التعديل من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب.
هكذا، ومن دون تنسيق مع أي جهة، تقدّم وزير الخارجية والمغتربين، يوسف رجّي، بمشروع قانون إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، طالبًا عرضه بسرعة لإقراره وإحالته إلى البرلمان.
مشروع القانون
يتضمن المشروع ثلاث موادّ رئيسية: الأولى، إلغاء المادّة 84 من القانون التي تتعلق بالبطاقة الممغنطة والمادّة 112 التي تتحدّث عن تخصيص ستة مقاعد إضافية في مجلس النواب لغير المقيمين، وإلغاء الفقرة الأولى من المادّة 118 حول الاقتراع في الخارج على أساس النظام النسبي ودائرة انتخابية واحدة قبل 15 يومًا على الأكثر من موعد الانتخابات في لبنان، إلى جانب إلغاء المادتين 121 و122 اللتين تحدّدان آلية ملء الشغور في مقاعد الاغتراب وتخفيض ستة مقاعد من عدد أعضاء مجلس النواب، لإضافة ستة مكانها لغير المقيمين.
في المادّة الثانية، طلب رجّي تعديل المادّة 111 من قانون الانتخاب ليصبح بإمكان المغتربين الاقتراع وفق المادّة 98 شأنهم شأن كلّ الناخبين. وفي المادّة الثالثة، طلب تعديل الفقرة الأخيرة من المادّة 113 التي تنص على تحديد يوم 20 من شهر تشرين الثاني المهلة الأخيرة لتسجيل المغتربين تحت طائلة سقوط حق الاقتراع في الخارج، لتصبح "المهلة المعطاة للتسجيل في نهاية كانون الثاني من السنة التي تجري فيها الانتخابات"، استثنائيًا ولمرة واحدة.
سلام غير مقتنع
ويبدو جليًا أن وزير الخارجية يدرك جيدًا ضيق المهل المتبقّية لتسجيل المغتربين والتي لا تتجاوز الشهر الواحد، وسط ضياع الدولة بأكملها بشأن مصير الانتخابات في الاغتراب، ما انعكس سلبًا على وضع الناخبين في الخارج المتردّدين في تسجيل أسمائهم، من دون معرفة آلية الاقتراع، لحسم خيارهم سواء بالاقتراع للمقاعد الستة أو لـ 128.
لذا، قرّرت معراب زيادة الضغط السياسي لنيل مبتغاها وهو إعادة تكرار سيناريو الانتخابات السابقة، أي اقتراع المغتربين في السفارات والقنصليات للمقاعد الـ 128، لعلمها المُسبق أن أصوات المغتربين في الخارج ستصبّ في مصلحتها ومصلحة خصوم حزب الله، بما يُعزّز فرص الفوز بمقاعد شيعية.
وعلمت "الأخبار" أن رجّي استند إلى هذه الحجة لإقناع رئيس الحكومة نواف سلام بمشروع القانون، مؤكدًا قدرة "القوات" على الفوز بالمقعد الشيعي في جبيل ومقعد آخر في بعبدا، بناءً على حسابات دقيقة وتوزيع للأصوات منظّم ومنسّق بين كلّ القوى. إلّا أن سلام لا يزال متمسّكًا بعدم صلاحية الحكومة بالبحث في موضوع تعديل قانون الانتخابات، على اعتبار أنها مسؤولية تشريعية منوطة بمجلس النواب.
الأسباب الموجبة
وهذا ما أثار سخط رجّي خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، إذ أصرّ على مناقشة تعديل قانون الانتخاب من خارج جدول الأعمال بهدف إحراج سلام وباقي الوزراء، غير أن رئيس الحكومة رفض الانصياع لطلبه من منطلق عدم وروده على الجدول.
حينها هدّد رجّي بالخروج والتصريح أمام الصحافيين بأن سلام يرفض اقتراع المغتربين، فما كان من رئيس الحكومة إلّا أن رفع صوته في وجه وزير الخارجية، طالبًا منه التوقّف عن القيام بعراضات فارغة وسلوك الأطر القانونية.
يومها، التزم رجّي الصمت، لكنّه عاد وأرسل مشروع قانون تعديل قانون الانتخاب الذي يتضمّن في الأسباب الموجبة له، التقرير النهائي للجنة الوزارية الموكلة دراسة قدرة الحكومة على تطبيق القانون الانتخابي، ولا سيما المواد موضوع الإشكال.
والتقرير كان قد خَلُصَ إلى تعذّر استحداث الدائرة 16 الخاصة بالمغتربين، "ما يحرم هؤلاء من ممارسة حقهم في المشاركة أسوة بسواهم من اللبنانيين". لذا، ومن منطلق "المحافظة على حق المغترب في الاقتراع والمشاركة واحترامًا لمبدأ المساواة وخطاب القسم والبيان الوزاري"، طلب رجّي أن توافق الحكومة على مشروع القانون المُعجّل وترسله إلى مجلس النواب.
معراب تريد كرسي بري!
غير أن خطة "القوات" الموازية تواجه عوائق، ولا سيما مع تمسّك بري بعدم تعديل القانون ولو بحرف واحد، وتحوّل المجلس إلى مناقشة الموازنة (حصرًا) بعد إحالتها من رئيس الجمهورية جوزيف عون في الثاني من الشهر الجاري.
ومن المتوقّع أن يستغرق النقاش في الموازنة ما لا يقل عن شهرين أو أكثر، ما يضع تصويت المغتربين على المحك، ولا سيما مع ضرورة دعوة الهيئات الناخبة قبل ثلاثة أشهر على الأقل من موعد الانتخابات، أي في شباط 2026. وهو ما يجعل الأمر مستحيلًا، إذ إن دراسة الموازنة يُفترض أن تستمر حتّى نهاية العام الجاري، مع احتمال تمديد النقاش واستفحال أزمة عدم ورود بند لإعادة الإعمار فيها.
الأكيد، أن تعديل قانون الانتخاب سيكون عنوان المعركة السياسية الأشرس بين بري و"القوات"، خصوصًا أن أجندة معراب لا تقف عند الرغبة بتسجيل نقطة على "الثنائي الشيعي"، عبر خرق أحد مقاعده النيابية، بل تمتدّ إلى كرسي بري نفسه.