أوراق سياسية

الدولة الفلسطينية.. بوابة السلام في الشرق الأوسط!.. 

post-img

(سفير الشمال) غسان ريفي
  
بالرغم من قيام حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بإبلاغ المعنيين أن التفتيش عن جثث الأسرى الإسرائيليين يحتاج إلى بعض الوقت للعثور عليهم وتسليمهم، بعدما أدى القصف الصهيوني والتدمير الممنهج إلى تغيير معالم كلّ الشوارع والأحياء في غزّة، بدأ العدوّ يتخّذ الذرائع لخرق اتفاق وقف إطلاق النار، بعرقلة إدخال المساعدات والتضييق على الغزاويين، فضلًا عن إطلاقه النار على مواطنين كانوا يريدون العودة إلى منازلهم في مناطق ما تزال تحت سيطرته ما أدى إلى استشهاد خمسة فلسطينيين.

لا شك في أن عدم قدرة “حماس” على انتشال جثث الإسرائيليين بالسرعة المطلوبة، قد يصب في مصلحة المقاومة الفلسطينية من خلال بقاء أوراق ضغط في يدها بانتظار التأكد من نية "إسرائيل" لجهة التزامها بوقف إطلاق النار الذي تمت المصادقة عليه في قمة شرم الشيخ ووقع وثيقته كلّ من أميركا ومصر وقطر وتركيا.

تشير المعطيات إلى أنه بعد كلّ ما جرى يوم أمس الأول من "الكنيست" "الإسرائيلي"  إلى قمة شرم الشيخ لا يمكن لـ"إسرائيل" أن تعيد كرّة الحرب، خصوصًا بعدما حرص الرئيس الأميركي دونالد ترامب على كسر العزلة عن "إسرائيل" وعلى تلميع صورة نتنياهو أمام المجتمع "الإسرائيلي"  وصولًا إلى حمايته والطلب من الرئيس "الإسرائيلي"  إسقاط المحاكمات عنه.

حاول نتنياهو ترجمة حماية ترامب له بالمشاركة في قمة شرم الشيخ لكنّه جوبه برفض عدد من الدول التي هدّدت بالانسحاب من القمة، وهو لم يغب عن باله مشهد الجمعية العامة في الأمم المتحدة عندما انسحب نحو ٨٠ بالمئة من المشاركين فيها عندما بدأ بإلقاء كلمته.

ما حصل في قمة شرم الشيخ لم يخرج عن الإطار التقليدي، وهو يشبه إلى حد بعيد اتفاق أوسلو، وربما أسوأ منه خصوصًا أن طرفيّ النزاع لم يحضرا ولم يوقعا على الاتفاق، بل تولت أميركا التوقيع نيابة عن "إسرائيل"، في ما وقعت مصر وقطر وتركيا نيابة عن حماس، ما يطرح سلسلة تساؤلات أبرزها لماذا لم يحصل هذا الاتفاق منذ فترة طويلة؟، ولماذا تُرك الشعب الفلسطيني يواجه مصيره بهذه الوحشية الصهيونية؟ وهل جاء الاتفاق بعدما تأكد لأميركا و"إسرائيل" فشل مخطّط تهجير الفلسطينيين من أرضهم بعد الصمود الأسطوري للمقاومة ولشعب غزّة؟.

في كلّ الأحوال، فإن هذا الصمود هو الذي أتى بالرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط وتحديدًا إلى شرم الشيخ، وهو من أعطى الشرعية لهذه القمة التي صادقت على إنهاء الحرب، خصوصًا أن ثلاث قمم عربية إسلامية عقدت خلال حرب السنتين ولم تنجح في وقف الحرب أو حتّى في إدخال المساعدات إلى شعب غزّة، بل على العكس فقد ردّ نتنياهو عليها بمزيد من التغول وتوسيع دائرة الحرب باتّجاه لبنان وسورية والعراق واليمن وإيران، إضافة إلى العدوان الهمجي على قطر. 

أثبتت المقاومة الفلسطينية بما لا يقبل الشك أنها الرقم الصعب في المعادلة، وأنه لا يمكن تجاوزها لا سيما بعد أن أفشلت كلّ الأهداف "الإسرائيلية"، وهي اليوم تتولى ضبط الأمن في قطاع غزّة بعد وقف الحرب والانسحاب "الإسرائيلي"  منه، حيث تعمل على الاقتصاص من العملاء الذين قتلوا الفلسطينيين وجوعوهم واحتكروا المساعدات وكانت آخر جرائمهم خطف وقتل الصحافي صالح الجعفراوي الذي لم تشفع له سترة الصحافة التي يجب احترامها وتأمينها وفقًا للقوانين الدولية. 

تقول مصادر متابعة، أن لا قمة شرم الشيخ ولا السلام المزعوم الذي يروّج له ترامب، يمكن أن يبصر النور طالما لم يحصل الفلسطينيون على حقوقهم وأولها الحق في دولة مستقلة عاصمتها القدس، وفي هذا الإطار عبثا يبحث العالم عن السلام إذا لم تتحقق هذه الأولوية بعد ٧٧ عاما على الأزمة الفلسطينية، ما يعني أن وقف إطلاق النار سيبقى اتّفاقًا مؤقتا وسيبقي الجمر تحت الرماد.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد