اوراق مختارة

«الحقوق - 1»: توظيف «التزوير» في الصراع السياسي؟

post-img

فاتن الحاج (صحيفة الأخبار)

على مدى الأسبوعين الماضيين، ضجّت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، بخبر «تزوير» علامات طلاب كويتيين في كلّية الحقوق - الفرع الأول في الجامعة اللبنانية. والقضية حالياً تحت تحقيق داخلي في الجامعة وخارجي يجريه جهاز أمن الدولة، بناءً على استنابة قضائية. وعلى خلفيّتها، وضعت رئاسة الجامعة أساتذة وموظفين في التصرّف، في انتظار انتهاء جلاء الحقيقة. وتشير بعض الخيوط، التي بدأت تتكشّف، إلى احتمال أن يكون أشخاص في الكلّية قد تورّطوا في تسهيل تبديل كرّاسات (أوراق امتحانات) أربعة طلاب كويتيين، وتزوير تواقيع أساتذة لقاء مبالغ مالية.

ومع تطلّع الجميع في الفرع إلى محاسبة المرتكبين، يستغرب كثير من أساتذة الجامعة وموظفيها «التضخيم الإعلامي» للحادثة، حتى أنهم باتوا مقتنعين بأنّ هناك حملة تشهير «مُنظّمة» هدفها الإساءة إلى سمعة الجامعة وأهلها، والوصول إلى حدّ التشكيك بشهاداتها.
أمّا الخطأ أوالغشّ الذي أعلن الجميع أنهم لا يغطّونه، فهو وارد دائماً، وإن حصل بطريقة «متطوّرة» أو غير مألوفة هذه المرة.

الأساتذة والموظفون مستاؤون

ثمّة من يسأل: هل يطيح خطأ ارتكبه أربعة طلاب وعدد من الموظفين سمعة 2600 طالب؟ وهل تدفع الجامعة اليوم ثمن حسابات سياسية وطائفية وتسويات جديدة هدفها تغيير طائفة بعض مواقعها الأكاديمية؟

وفي هذا السياق، تعرب الأستاذة في الكلّية عزة سليمان، عن استيائها «من التشهير بأساتذة وموظفين خدموا الجامعة لسنوات كثيرة باللحم الحي، وفي أقسى ظروف الحرب، ووجدوا أنفسهم فجأة بلا حصانة وظيفية ونقابية». وتقول إنها شخصياً طالبت وتطالب بـ«فتح تحقيق جنائي أكاديمي بكل قضايا الفساد، لمحاسبة المرتكبين»، لكنها تشدّد، في المقابل، على أنه «لا يجوز إسقاط جهود موظفين ونشاطات بحثية وإنجازات تتحقّق في هذا المكان، ليس آخرها تقدّم متخرّجي الكلّية في امتحانات نقابة المحامين على باقي الجامعات الخاصة».

وتأخذ سليمان، على رئاسة الجامعة «عدم توفير الحصانة للأساتذة والموظفين الذين جرى التعامل معهم كمجرمين، إذ جُرجِروا إلى التحقيقات وشُهِّر بأسمائهم في الإعلام نتيجة تسريب قرار تدبيري داخلي قبل صدور نتائج التحقيق». وفيما أكّدت سليمان، «ضرورة أن تكون التحقيقات شفّافة، وألّا يكون هناك كبش محرقة»، دعت إلى «محاسبة مرتكبي الخطأ ضمن الأصول القانونية، وعدم تحويل النظام داخل الجامعة إلى نظام أمني».

وفي ذات السياق، اعتبرت الأستاذة في كلّية العلوم وفاء نون، أنّ «هذا الملف تمّت معالجته بشكل خاطئ داخلياً وخارجياً»، مؤكّدةً أنّ «هذه الارتكابات لا تتحمّل مسؤوليّتها الكلّية أو الجامعة، إنما يتحمّل مسؤوليّتها مرتكبوها فقط والذين نطلب معاقبتهم وفصلهم عن الجامعة».

بدوره، قال مصدر نقابي مطّلع إنه «لم يسبق لجهاز أمن الدولة أن أجرى تحقيقات أمنيّة في حوادث غشّ في الكلّية، ولكن ربّ ضارّة نافعة، فليأخذ التحقيق مجراه وليحاسب كل من يظهره التحقيق مرتكباً»، مشيراً إلى أنّ «الكلّية أجرت تحقيقاً قبل وصول جهاز أمن الدولة ورفع المدير تقريره إلى رئاسة الجامعة». ولفت المصدر إلى أنّ «رابطة الأساتذة لم تتدخّل لأنّ القضية بيد القضاء، وهي تنتظر نتائج التحقيق لتبني على الشيء مقتضاه».

وفيما منع بعض الطلاب الاحتجاج بأوامر حزبية، يقول بعض الأساتذة إنّ «القوى الطائفية أمعنت تدميراً في الجامعة، والسّجال في أي قضية يدخل في إطار الاصطفافات، فالتزوير ممنوع، لكن ما يحصل هو توظيف المخالفات في الصراع السياسي».
هكذا ومع بداية كل عام جامعي، يشعر الأساتذة وكأنّ جامعتهم تُستهدف بحملات إعلامية، تحت عنوان «فضح المخالفات فيها»، فيما السبب الأساسي «سياسي، ليس إلّا».

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد