أوراق سياسية

صراع في "الإنماء والإعمار" يعطّل عمل المجلس

post-img

ندى أيوب (الأخبار)

يشهد مجلس الإنماء والإعمار حالة شلل نتيجة الصراع الدائر بين مفوّض الحكومة لدى المجلس، زياد نصر، وأعضاء مجلس الإدارة بسبب نزاع حول تفسير حدود صلاحيات المفوّض ودوره الرقابي.

وفق معلومات "الأخبار"، يتمسّك نصر بأداء مهامه وفق الأعراف التي كان معمولًا بها في فترة مجلس الإدارة السابق، حيث كانت موافقته وتوقيعه على كشوفات المتعهّدين الذين ينفّذون مشاريع لـ"الإنماء والإعمار"، شرطًا أساسيًا لصرف الأموال. في المقابل، يرى المجلس الحالي أن دور نصر يقتصر على حجز النفقة، أي منح التأشير اللازم على طلبات حجز الاعتمادات التي يقرّرها المجلس، ومراقبة قانونية الانفاق، وأنه ليست لمفوّض الحكومة صلاحية المشاركة في التنفيذ

بحسب المصادر، تفاقم الخلاف بعد اعتراض نصر على مخالفات شابت عملية ترقية وتعيين موظفين ضمن ملاك المجلس، معتبرًا أن هذه العملية تستلزم إجراء مباراة في مجلس الخدمة المدنية، ما أدّى إلى تجميد الملف بعد استشارة قانونية طلبها نصر من المجلس، خلُصت إلى أن عملية الترقية غير قانونية.

لكن، عمليًا، انعكس هذا الخلاف سلبًا على سير العمل داخل المجلس، إذ إنّ "المعاملات التي يوقّعها هؤلاء الموظفون، لا يتعامل معها نصر على أنها قانونية، إلا في بعض الحالات الاستثنائية، ما أدّى إلى استنسابية في التعاطي مع المعاملات، وفي منح أو حجب التأشيرات اللازمة على طلبات حجز الاعتمادات".

وهنا، ثمّة من يلمح إلى ما يتجاوز الصراع الإداري، وصولًا إلى صراع على "تقاسم النفوذ وإحكام القبضة على كلّ حركة المتعهّدين، وبالتالي على المشاريع العامة"، في ما تؤكّد مصادر في مجلس الإدارة أنّ "نصر تجاوز صلاحياته، ويسعى للهيمنة على عمل المجلس".

هذا الصراع الإداري يُفترض أن تتدخّل رئاسة الحكومة للفصل في شأنه، نظرًا إلى وصايتها على المجلس، وبعدما بات الخلاف يهدّد ليس فقط انتظام عمل "الإنماء والإعمار"، بل ينعكس سلبًا على ثقة الصناديق العربية والجهات الدولية المُموِّلة للمشاريع. وتشير المصادر إلى أنّ فريق البنك الدولي في لبنان عبّر أكثر من مرّة عن امتعاضه مما يجري، ربطًا بتأخّر مشاريع يموّلها البنك ويفترض بالمجلس تنفيذها.

صلاحيات مفوّض الحكومة

ووفق المواد (2، 3 و4) من النظام الداخلي لمجلس "الإنماء والإعمار" يتولى مفوّض الحكومة مهامَّ واضحة، ليس فيها ما هو أبعد من حجز النفقة، وهي: مراقبة قانونية انعقاد جلسات مجلس الإدارة، وتوافق القرارات الصادرة عنه مع القوانين والأنظمة المرعية.

ولهذا الغرض تُبلّغ قرارات مجلس الإدارة إلى مفوّض الحكومة فور اتّخاذها، ويُخصّص لتبليغه سجلّ يُدوَّن فيه كلّ مرة تاريخ التبليغ، على أن يرفع نسخة عن هذه القرارات على سبيل الاطّلاع إلى كلّ من المديرية العامة لرئاسة الجمهورية والأمانة العامة لمجلس الوزراء. ويُبدي مفوّض الحكومة رأيه عند الاقتضاء، أو بناءً على طلب رئيس مجلس الوزراء، في الخطط والمشاريع والاقتراحات التي يتقدّم بها المجلس إلى مجلس الوزراء. كما يحضر جلسات مجلس الإدارة دون أن يكون له حق التصويت، مع إمكانية إبداء رأيه في المواضيع المطروحة، وله أن يطلب تدوين رأيه في محضر الجلسة. ويحقّ له الاطّلاع على السجلّات والعقود، وبوجه عام على جميع المستندات التي تمكّنه من تنفيذ مهامه، وعليه أن يُعلِم مجلس الوزراء بواسطة رئاسة مجلس الوزراء، عن كلّ مخالفة يلاحظها في أعمال المجلس.

تسييس الأشغال عشية الانتخابات

إلى ذلك، أكّدت مصادر مطّلعة أن وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، وبناءً على طلب من كتلة اللقاء الديمقراطي، كلّف نصر، بمهمة توزيع ملفات الأشغال والتزفيت وصيانة الطرقات على المتعهّدين والمقاولين في الشوف والجبل.
هذا الإجراء، الذي جرى خارج الإطار الإداري المعتاد، يثير إشكاليات قانونية واضحة لناحية تضارب الصلاحيات بين وزارة الأشغال ومجلس الإنماء والإعمار، إذ إن توزيع المشاريع والعقود وتلزيمها يخضعان حصرًا لسلطة الإدارة المالكة للمشروع وفقًا لقانون الشراء العام الرقم 244/2021.

مصادر متابعة اعتبرت أن تكليف المفوّض بهذه المهمّة يشكّل سابقة إدارية، ويفتح الباب أمام تسييس الأشغال العامة وتحويلها إلى أداة لتوزيع النفوذ والمكاسب الانتخابية بين القوى السياسية.
 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد